طرائف : جمع طريفة ، وطرائف الحديث : مختاراته.
نادِرة :جمع نادِرات ونوادِرُ ، وهي كتابات وأقوال وأحاديث تتميّز بالطرافة والتسلية
« نوادر الكلام »: غرائبه وطرائفه وما شذ منه وخرج عن المألوف ، وما كان منه فصيحا مستجادا .
وليس شرطاً في الطُّرفة أن يستغرب قارئها ضحكاً ، حتى يستلقي على ظهره عجباً ، وإنما يكفي ظاهر التبسم ، أو باطن الرضى ، لأن الغرض الأدب ، والمقصود المتعة بالشعر .
ويعتقد البعض أن سلفنا الصالح منذ عصر النبوة وحتى اليوم ، أنهم لا يعرفون للابتسام حظاً ولا مكاناً ، والذي يطلع على قصص السلف الصالح يجد الكثير من القصص والنوادر والمُلح التي تتهلل لها الأسارير وفيها مع ذلك من الدروس والعظات والعبر .
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قالوا ” يا رسول الله إنك تداعبنا ” ، فقال صلى الله عليه وسلم ” إني لا أقول إلا الحق “.
ولا يستغني أهل الأدب معرفة ظريف المضحكات ، وشريف المفاكهات ، إذا لاطفوا ظريفا ، أو مازحوا شريفا …
فقد قال الأصمعي : بالعلم وصلنا وبالمُلح نلنا .
فمن خلال هذه المقالات سنعيش مع مختارات من الطرائف والنوادر الأدبية وهي عبارة عن أجزاء …
الجزء الأول
➖ قال العتابي : خرج المهدي وعلي بن سليمان إلى الصيد ومعهما أبو دلامة – وكان أبو دلامة صاحب نوادر- فرمى المهدي ظبياً فأصابه ، ورمى علي بن سليمان ظبياً فأخطأه وأصاب كلباً ، فضحك المهدي ، وقال: يا أبا دلامة ، قل في هذا ، فقال :
قد رمَى المهديُّ ظبيًا
شكَّ بالسَّهْمِ فُؤادَهْ
وعليُّ بنُ سليما
نَ رمَى كلبًا فصادَهْ
فهنيئًا لكما كُلْـ
ـلُ امرئٍ يأكُلُ زادَهْ
فأمر له بثلاثين ألف درهم .
📚 [كتاب ” وفيات الأعيان ” – لابن خلكان]
➖ قالَ شاعرٌ أعورُ العينِ اليُمنَى مشَى إلَى جانبِه أعورُ العينِ اليُسْرَى :
ألمْ تَرَنا إذا سِرْنا جميعًا
إلَى الحاجاتِ ليس لها نظيرُ
أسايِرُهُ علَى يُمْنَى يديْهِ
وفي ما بينَنا رجلٌ ضريرُ
📚 [ من كتاب :الشُّعور بالعور – لصلاح الدين الصفدي] .
➖ وقالَ ابنُ الورديِّ في ديوانه :
أعورُ باليُمْنَى إلَى جَنْبِهِ
أعوَرُ باليُسْرَى قدِ انضَمَّا
فقلتُ يا قَوْمِ انظُروا واعجَبوا
مِنْ أعوَرَيْنِ اكْتَنَفا أَعْمَى
حكى أبو الخطاب ابن عون الحريري النحوي الشاعر أنه دخل على أبي العباس النامي ، قال : فوجدته جالسا ، ورأسه كالثغامة بياضا، وفيه شعرة واحدة سوداء ، فقلت له: يا سيدي ! في رأسك شعرة سوداء ، فقال : نعم ، هذه بقية شبابي، وأنا أفرح بها ، ولي فيها شعر ، فقلت : أنشدنيه، فأنشدني:
رأيتُ في الرَّأسِ شعرةً بقيَتْ
سوداء تهوَى العيونُ رؤيتَها
فقلتُ للبِيضِ إذْ تُرَوِّعُها
باللهِ ألَّا رَحِـمْتِ غُرْبَتَها
فقَلَّ لبثُ السَّوداءِ في وطنٍ
تكونُ فيه البيضاءُ ضرَّتَها
ثم قال : يا أبا الخطَّاب ! بيضاء واحدة تُروِّعُ ألفَ سوداء ، فكيف حال سوداء بين ألف بيضاء ؟!
📚 [وفيات الأعيان – ابن خلكان ]
🔸 الثُّقلاءِ:
وممَّا قيلَ في ثقيلٍ:
أنتَ يا هذا ثقيلُ
وثقيلٌ وثقيلُ
أنتَ في المنظرِ إنسا
نٌ وفي المخبرِ فيلُ
لو تعرَّضْتَ لظِلٍّ
فسدَ الظِّلُّ الظَّليلُ
وكان الأعمشُ إذا حضرَ مجلسَه ثقيلٌ يُنشِدُ :
فما الفيلُ تحملُه ميِّتًا
بأثقلَ من بعضِ جُلَّاسِيَا
📚 [شرح المقامات للشريشي]
ومن الطرائف والنوادر :
• كتبَ أبو الشّيص إلى رجل كان وعده بمخدَّة ، فأبطأت عليه ، فقال :
يا صديقي وخليلي
وأخي في كُلِّ شِدَّهْ
ليتَ شعري هَلْ زَرَعْتُمْ
بَذْرَ كَتَّانِ الـمِخَدَّهْ ؟!
[ديوان المعاني ، لأبي هلال العسكري]
_____________
• ومن الطرائف أنَّ أعرابيًّا ضلَّ الطريق ، فماتَ جزعًا، وأيقنَ بالهلاك ، فلـمَّا طلع القمر اهتدى ، ووجد الطريق ، فرفع إليه رأسه ليشكره ، فقال له : واللهِ ، ما أدري ما أقول لك ، ولا ما أقول فيك !
أقول : رفعك الله ، فالله قد رفعك ،
أم أقول: نَوَّرَك الله ، فالله قد نوَّرك ،
أم أقول : حسَّنك الله ، فالله قد حسَّنك ، ولكن ما بقي إلا الدعاء أن يُنسِئَ الله في أجَلِكَ ، وأن يجعلَني من السُّوء فداءكَ.
[شرح المقامات للشريشي]
___________
• خرجَ ثلاثة أُدباء لنزهة خارج مُرْسية ، وصلَّوا خلف إمام بمسجد قرية ، فأخطأ في قراءته ، وسها في صلاته ، فلما خرج أحدهم كتب على حائط المسجد :
يا خَجْلَتي لصلاةٍ
صلَّيْتُها خَلْفَ خَلْفِ
فلمَّا خرج الثاني كتب تحته:
أغُضُّ عنها حياءً
من المهيمنِ طَرْفي
فلما خرج الثالث كتب تحته:
فليس تُقْبَلُ مِنَّا
لو أنَّها أَلْفُ أَلْفِ
[نفحِ الطِّيب من غصن الأندلس الرَّطيب ، للمقريّ] [ من أولى بالغم ؛ أنا أم أنت ؟ ]
ذكر القفطي في ترجمة أبي عمرو بن العلاء في ( إنباه الرواة 4/132 ) قال : سأل رجل أبا عمرو بن العلاء حاجة فوعده بها . ثم إن الحاجة تعذرت على أبي عمرو ، فلقيه الرجل بعد ذلك ، فقال له : يا أبا عمرو ، وعدتني وعدًا فلم تنجزه !
فقال له أبو عمرو : من أولى بالغم ؛ أنا أم أنت ؟
قال الرجل : أنا .
قال أبو عمرو : لا ، بل أنا والله .
قال : وكيف ذلك أصلحك الله ؟!
قال : لأني وعدتك وعداً ، فأنت بفرح الوعد ، وأنا بهم الإنجاز ، وبت ليلتك فرحًا مسرورًا ، وبت ليلتي مفتكرًا مهمومًا ، ثم عاق القدر عن بلوغ الإرادة ، فلقيتني مدلاً ، ولقيتك محتشماً !
قال منصور مهران :
حججت سنة وكان موسم الحج في أشد أوقات الحر ، وبعد أن رميت الجمرات رجعت إلى خيمتي ، وفي الطريق مررت بمسجد الخيف وكان على يميني ، وبعده بخطوات كان على يساري (هنجر) ينبعث منه هواء بارد كأنه آتٍ من الجنة ، فنظرت فوجدت قوما نياما قد تغطوا بملابس الإحرام فأعجبني هدوء المكان وسكون النيام ، فتسللت ونمت بينهم ساعة أو بعض ساعة ، ثم انتبهت من شدة البرودة وقد أخذتني منها رعدة فطفقت ألفلف جسدي بما معي من ثياب الإحرام ووقفت مزمعا الخروج .
وتأملت النائمين من حولي فلاحظت نومهم جميعا وهم على ظهورهم وقد غطوا وجوههم ورؤوسهم فزادت رعدتي وتوجست منهم خيفة وتوجهت نحو الباب الذي لم يغلق أبدا وخرجت فإذا برجل جالس في مدخل المكان وظهره إلى النيام ووجهه إلى الطريق يتأمل الذاهبين والراجعين فلما ساويته نظر إليَّ مبهوتا وفز عن كرسيه فرفعت رأسي أنظر إلى لوحة عريضة كتبوا عليها :
( مركز تجميع الموتى )
والتفت إلى الرجل فصرخ وتوالى صراخه وفرّ هاربا يصدم المارة ويصدمونه فجريت وراءه وكلما التفت ورآني أتبعه زاد صراخه واشتد في جريه حتى جئت خيمتي فعجت إليها وتركت الرجل يجري ولا أظنه من شدة الوجل عاد إلى كرسيه بل عاد محمولا ليأخذ مكاني بين الأموت .
لقد ظنني المسكين ميتا من جماعته الذين يحرسهم بعثه الله ، أو عفريتا من قرناء الموتى جاء يودع قرينه ثم انصرف ، فخاف وهرول ولو كان حيا فحلف أنه رأى جِنّيّا في عز النهار وهو موقن بما رأى لوصمه الناس بالجنون ولوجدته الآن في شهار بالطائف ( شهار منطقة بالطائف تستقر فيه مستشفى الأمراض العقلية ) .
[ بيع الشِّعْر بالشِّعْر ” ربا ” ]قصد تمام بن حبيب ابن أوس الطائي عبد الله بن طاهر بعد موت أبيه أبي تمام فاستنشده ( أي طلب منه) فانشده :
حياك رب الناس حياكا
إذ بجمال الوجه رواكا
بغداد من نورك قد أشرقت
وأورق العود بجدواكا
فأطرق عبد الله ساعة ثم قال :
حياك رب الناس حيــاكا
إنّ الذي أمّـلت أخطــــاكا
أتيت شخصاً قد خلا كيسه
ولو حـــوى شيئا لأعطـــاكا
فقال أيها الأمير إن بيع الشعر بالشعر ” ربا ” ؛ فاجعل بينهما فضلاً من المال !
فضحك منه ، وقال : لئن فاتك شعر أبيك فما فاتك ظرفه ، وأمر له بصلة .
من كتاب : (غرر الخصائص الواضحة – لأبي إسحاق برهان الدين – المعروف بالوطواط – المتوفى: ٧١٨ هـ )
__________
[ لو صبرت لظفرت ]
سُئل عنترة – وهو أحد فرسان العرب ومن شعراء العصر الجاهلي – :
بم نلت الشجاعة ؟!
قال : بالصبر .
قيل له : كيف ؟
فقال: تعلمت ذلك في الصغر ، كنت ألعب أنا والصبيان ، فكلٌ منا يضع إصبعه في فم الآخر ؛ فأيُّنا سحب إصبعه الأول انهزم .
فكلما أردت أن أسحب إصبعي من فمه ، قلت: لعله هو يريد أن يفعل ذلك قبلي .
فإذا هو يفعله فأنتصر أنا.
وهكذا في المعركة ، وهكذا انتصرت وغلبت الأبطال … أي بالصبر والاحتمال ..
• ذكر النويري في كتابه (نهاية الأرب) نبذة من أخبارهم وأقوالهم وأشعارهم ، فقال:
– لِيمَ بعض الجبناء على جبنه ، فقال: أول الحرب شكوى ، وأوسطها نجوى ، وآخرها بلوى.
– وقال آخر: الحرب مقتلة للعباد ، مذهبة للطارف والتلاد.
– وقيل لجبان: لم لا تقاتل ؟
فقال: عند النطاح يغلب الكبش الأجم.
– وقالوا: الحياة أفضل من الموت ، والفرار في وقته ظفر.
– وقالوا: الشجاع ملقى ، والجبان موقى.
– وقالوا: الفرار في وقته ، خير من الثبات في غير وقته.
– وقالوا: السلم أزكى للمال ، وأبقى لأنفس الرجال.
– وقيل لأعرابي: ألا تعرف القتال ؟!
فإنَّ الله قد أمرك به.
فقال: والله إني لأبغض الموت على فراشي في عافية ، فكيف أمضي إليه ركضاً .
– وقيل لأعرابي: ألا تغزو العدوَّ؟
قال: وكيف يكونون لي عدوًّا، وما أعرفهم ولا يعرفوني؟!
– وقيل لجبان في بعض الوقائع: تقدم. فقال:
وقالوا: تقدم قلت لست بفاعل
أخاف على فخارتي أن تحطما
فلو كان لي رأسان أتلفت واحدًا ولكنه رأس إذا زال أعقما
وأوتم أولادًا وأرمل نسوة
فكيف على هذا ترون التقدما
– قال البديع الهمداني :
ما ذاق همًّا كالشجاع ولا خلا
بمسرةٍ كالعاجز المتواني
__________
• وجاء في كتاب ” العقد الفريد ” – لابن عبد ربه :
قال أبو دلامة: (كنت مع مروان أيام الضحاك الحروري، فخرج فارس منهم فدعا إلى البراز، فخرج إليه رجل فقتله، ثم ثان فقتله، ثم ثالث فقتله، فانقبض الناس عنه، وجعل يدنو ويهدر كالفحل المغتلم. فقال مروان: من يخرج إليه وله عشرة آلاف؟ قال: فلما سمعت عشرة آلاف هانت عليَّ الدنيا، وسخوت بنفسي في سبيل عشرة آلاف، وبرزت إليه، فإذا عليه فرو قد أصابه المطر فارمعلَّ (أي ترطب شديداً) ، ثم أصابته الشمس فاقفعلَّ (أي يبس) ، وله عينان تتقدان كأنهما جمرتان. فلما رآني فهم الذي أخرجني، فأقبل نحوي وهو يرتجز ويقول:
وخارج أخرجه حبُّ الطمع
فرَّ من الموت وفي الموت وقع
من كان ينوي أهله فلا رجع
فلما رأيته قنَّعت رأسي، وولَّيت هاربًا، ومروان يقول: من هذا الفاضح؟ لا يفتكم، فدخلت في غمار الناس) .
• ومن الفرارين: (أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد، فرَّ يوم مرداء هجر من أبي فديك، فسار من البحرين إلى البصرة في ثلاثة أيام، فجلس يومًا بالبصرة، فقال: سرت على فرسي المهرجان من البحرين إلى البصرة في ثلاثة أيام. فقال له بعض جلسائه: أصلح الله الأمير، فلو ركبت النيروز لسرت إليها في يوم واحد. فلما دخل عليه أهل البصرة؛ لم يروا كيف يكلمونه، ولا ما يلقونه من القول، أيهنئونه أم يعزونه، حتى دخل عليه عبد الله بن الأهتم، فاستشرف الناس له، وقالوا: ما عسى أن يقال للمنهزم؟ فسلَّم ثم قال: مرحبًا بالصابر المخذول، الذي خذله قومه، الحمد لله الذي نظر لنا عليك، ولم ينظر لك علينا، فقد تعرضت للشهادة جهدك، ولكن علم الله تعالى حاجة أهل الإسلام إليك؛ فأبقاك لهم بخذلان من معك لك. فقال أمية بن عبد الله: ما وجدت أحدًا أخبرني عن نفسي غيرك) .
_______
• وفي كتاب ” غرر الخصائص الواضحة ” – لأبي إسحاق الوطواط :
قال : حُكي أنَّ عمرو بن معد يكرب مرَّ بحيٍّ من أحياء العرب، وإذا هو بفرس مشدود، ورمح مركوز، وإذا صاحبها في وهدة (هوة وحفرة) من الأرض يقضي حاجته، فقال له عمرو: خذ حذرك؛ فإني قاتلك لا محالة. فالتفت إليه، وقال له: من أنت؟ قال: أبو ثور عمرو بن معد يكرب. قال: أنا أبو الحارث، ولكن ما أنصفتني أنت على ظهر فرسك، وأنا في وهدة، فأعطني عهدك أن لا تقتلني حتى أركب فرسي، وآخذ حذري، فأعطاه عهدًا على ذلك، فخرج من الوهدة التي كان فيها، وجلس محتبيًا بحمائل سيفه، فقال له عمرو ما هذا الجلوس؟! قال: ما أنا براكب فرسي، ولا مقاتلك، فإن كنت نكثت العهد؛ فأنت أعلم ما يلقى الناكث، فتركه ومضى، وقال: هذا أجبن من رأيت) .
________
• وجاء في كتاب ” نهاية الأرب ” – للنويري ، قال أبو الفرج الأصفهاني: كان أبو حَيَّةَ النُّمَيْريِّ وهو الهيثم بن الربيع بن زرارة جبانًا بخيلًا كذَّابًا ، قال ابن قتيبة: وكان له سيف يسميه ” لُعابَ المَنِيَّةِ ” ليس بينه وبين الخشبة فرق ، قال: وكان أجبن الناس، قال: فحدَّثني جار له، قال: دخل ليلة إلى بيته كلب فظنَّه لصًّا، فأشرفت عليه، وقد انتضى سيفه ( أي أخرجه من غمده ) ، وهو واقف في وسط الدار يقول: أيها المغترُّ بنا، المجترئ علينا، بئس والله ما اخترت لنفسك، خيرٌ قليل، وسيفٌ صقيل، ” لُعاب المنية ” الذي سمعت به ، مشهورة ضربته ، لا تخاف نبوته ، اخرج بالعفو عنك قبل أن أدخل بالعقوبة عليك ، إني والله إن أدع قيسًا إليك لا تقم لها ، وما قيس ؟!
تملأ – والله – الفضاء خيلًا ورجلً ا، سبحان الله ! ما أكثرها وأطيبها.
وبينا هو كذلك إذ خرج الكلب فقال : الحمد لله الذى مسخك كلباً وكفاني حرباً!!
ثمَّ قعدَ لا يدخلُ البيتَ ، فقيل له: ما لكَ لا تدخلُ؟!
فقالَ: لعلَّ اللِّصَّ في البيتِ ، وهذا كلبُه قد خرجَ !!.
البحــــــرُ بحـرٌ والنخيلُ نخيل
والفيـــــل فيل والزراف طـــويل
والأرض أرض والسماء خلافها
والطـــير فيما بينهن يجــــــول
وإذا تعاصفت الرياح بروضة
فالأرض تثبت والغصون تميل
والماء يمشي فوق رمــل قاعـــد
ويرى له مهما مشـــى سيلول
🔘وينسب له أيضاً :
الأرض أرضٌ والسماء سماءُ
والماء مـــــاءٌ والهواء هــــواءُ
والروض روضٌ زينته غصونُه
والــــــــدوح دالٌ ثم واوٌ حــــاء
والبحر بحرٌُ والجبال رواسخٌ
والنور نورٌ والظلام عمــــــــاءُ
والحر ضد البرد قولٌ صــــادقٌ
والصيف صيفٌ والشتاء شتاءُ
والمسك عطرٌ والجمــال محببٌ
وجميع أشــياء الــورى أشياءُ
والمــرُّ مـــــرٌّ والحلاوة حــــلوةٌ
والنـــار قيل بأنهـــــا حمــــراء
كتاب : ( نزهة النفوس ومضحك العبوس ) – ابن سودون :
وهو شاعر هزلي وكاتب مصري ساخر
له مؤلفات منها ( فن الخراع ) ،
روى محمد بن الخطاب الكلابي أن فتى من الأعراب خطب ابنة عم له وكان معسراً، وأبى عمه أن يزوّجه !!
فكتب إلى ابنة عمه هذه الأبيات :
يا هذه كم يكون اللّوم والفَندُ
لا تعذلي رجلاً أثوابُهُ قِدَدُ
إن أُمسِ منفرداً فالبدرُ منفردٌ
واللَّيث منفردٌ والسَّيف منفردُ
أوْ كنتِ أنكرتِ طِمريه وقد خَلِقا
فالبحر من فوقه الأقذاء والزَّبَدُ
إنْ كانَ صرفُ الليالي رثَّ بزّته
فبين ثوبيه منها ضيغم لُبَدُ
قال: فدخلت بالأبيات على أبيها ، فقال لها :
ما أُريد لك صداقاً غيرها ، فدعاه فزوَّجه إيَّاها.
يحكى أن الشاعر العباسي أبا نواس خرج يوماً يمشي في أحد أحياء الكوفة قبيل عيد الاضحى ، فرأى أعرابياً معه أغنام يسوقها ، فابتدره قائلا :
أيا صاحب الذود اللواتي يسوقها
بكم ذلك الكبش الذي قد تقدما ؟
فأجابه الأعرابي على الفور ، وشعراً من نفس الوزن والروي ، فقال :
أبيعكه إن كنت تبغي شراءه
ولم تكُ مزَّاحا بعشرين درهما
فقال أبو نواس :
أجدت رعاك الله رجع جوابنا
فأحسن إلينا إن أردت التكرما
فقال الأعرابي :
أحط من العشرين خمساً لأنني
أراك ظريفًا فاخرجنها مسلما
بيد أن أبا نواسٍ انصرف .
ويحكى أن الناس الذين كانوا متجمعين يشهدون هذه المفاصلة في السعر بالشعر ، قالوا للأعرابي : أتدري من كنت تكلم ؟ قال :لا
قالوا : إنه أبو نواس ، فما كان من الرجل إلا أن حمل الكبش وأسرع ، حتى أدرك أبا نواس ، فأقسم له إن لم يأخذه هدية منه خالصة ليتركن كل غنمه في الطريق .
قال القالي: حدثنا أبو بكر بن دريد حدثني عمي عن أبيه، عن أبي الكلبي قال: ابتاع شاب من العرب فَرساً، فجاء إلى أمه وقد كُفّ بصرها ، فقال: يا أمي إني قد اشتريت فرسا، قالت: صفه لي ؟
قال: إذا اسْتَقبلَ فَظَبْيٌ نَاصِب، وإذا استدبر فهِقْلٌ خاضِب، وإذا استعرض فَسِيدٌ قارب، مُؤَلَّلُ المِسْمَعين ، طامِحُ الناظرين مُذَعْلَقُ الصَّبِيَّيْن.
قالت: أجْوَدْت إنْ كنت أَعْربْتَ ، قال: إنه مُشْرِفُ التَّليل، سَبْطُ الخَصِيل، وَهْوَاهُ الصَّهيل، قالت: أكرمت فَارْتبط.
• شرح المفردات:
الناصب: الذي نَصَب عنقه وهو أحسن ما يكون.
والهِقْل: الذكر من النعام.
والخَاضِب: الذي أكل الربيع فاحمرت طنبوباه وأطرافُ ريشه.
والسِّيد: الذئب.
ومُؤَلّل: مُحَدَّدُ.
وطامح: مشرف.
والذُّعلوق: نبت.
والصَّبيان: مجتمع لَحْيَيْه من مُقَدَّمِهما.
والتَّليل: العُنق.
والخَصيل: كل لحمة مستطيلة.
والوهوهة: صوت تقطعه.
(نقلا عن المزهر في علوم اللغة وأنواعها – السيوطي)