الكتاب: المختصر المفيد في أحكام التجويد
المؤلف: مجهول
الناشر: مؤسسة الإيمان – بيروت
الطبعة: الأولى، 1402 هـ
عدد الأجزاء: 1
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي] المقدمة:
بسم الله الرّحمن الرّحيم، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد خاتم المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فالتجويد لغة: هو الإتيان بالشيء الجيد.
وقد عرّفه العلماء في اصطلاحهم، بقولهم: هو علم يعرف به إخراج كل حرف من مخرجه، متصفا بصفاته.
وقد دوّنه الأئمة الثقات، وأحكموا أصوله، واستنبطوا أحكامه، من كيفية القراءة المأثورة عن النبي (صلّى الله عليه وسلّم) وأصحابه والتابعين.
والهدف من تعلّم هذا العلم، هو صون اللسان عن الوقوع في اللحن في لفظ القرآن الكريم، حال الأداء. ولذلك كانت مراعاة قوانينه في القراءة فرض عين على كل مكلف.
ونحن- فيما يلي- سوف نبسط أحكام التجويد مختصرة، كما نص عليها العلماء المتخصصون، ثم نبين الرمز التلويني الذي استعملناه للدلالة عليه، منبهين- منذ البداية- إلى أن المختصر، مع الرمز اللوني المطبق على المصحف الشريف- شأنه شأن كتب التجويد- كلها- لا يغني عن التلقي عن الشيخ المقرئ، لمعرفة كيفية النطق الصحيح في كل حكم، إذ أن ذلك لا يمكن معرفته حق المعرفة إلّا بالمشافهة، والأخذ والتلقي من أفواه العلماء.
الفصل السابع
8 – أحكام المدود وأقسامها:
تعريف المد: المد لغة: هو المط والزيادة.
وفي الاصطلاح هو: إطالة الصوت بحرف من أحرف المدّ الثلاثة التالية:
1 – الألف الساكنة (المفتوح ما قبلها).
2 – الواو الساكنة المضموم ما قبلها.
3 – الياء الساكنة المكسور ما قبلها.
وقد اجتمعت هذه المدود في كلمة: (نوحيها).
أقسامه: ينقسم المدّ إلى قسمين: مدّ أصلي، ومدّ فرعي، وسوف نبين كلا منهما فيما يلي:
آ- المدّ الأصلى: هو المدّ الطبيعي الذي لا تقوم ذات حرف المدّ إلّا به، ولا يتوقف على سبب من همز أو سكون.
وقد سمي طبيعيا لأن صاحب الفطرة السليمة لا ينقصه عن حده، ولا يزيد عليه، ومقداره حركتان. والحركة هي بمقدار قبض الإصبع أو بسطه، نحو:
قالَ*- يَقُولُ*- قِيلَ*.
وكما يبدو من الأمثلة، فإننا تركناه باللون الأسود، دلالة على أن مدّه طبيعي، لا يحتاج إلّا أن يترك القارئ نفسه على سجيته وطبيعته.
هذا، ويلحق بهذا المد الطبيعي أربعة مدود هي:
ا- مدّ العوض وهو مدّ في حالة الوقف، عوض عن فتحتين في حال الوصل، ويمد بمقدار حركتين، نحو: غَفُوراً* رَحِيماً* سَمِيعاً* عَلِيماً*.
ويستثنى من ذلك، ما إذا كان التنوين على تاء مربوطة، فيوقف عليها بالهاء، وليس بالمد، نحو: حَياةً طَيِّبَةً- مَساكِنَ طَيِّبَةً*.
وواضح من هذا التعريف أنه يمدّ في حالة الوقف، ولا يمدّ في حالة الوصل، وقد اعتمدنا نحن في التلوين المشير للأحكام على حالة الوصل دون الوقف، وذلك بناء على المعتمد في تحريك آخر آيات القرآن رسما.
2 – مدّ الصلة الصغرى: وهو حرف مدّ زائد، يتحصل من إشباع الحركة على هاء الضمير، الواقعة بين متحركين، ثانيهما غير مهموز.
وهو مدّ ملحق بالطبيعي، لأن إشباع الضمة يجعلها واوا مضموما ما قبلها، وإشباع الكسرة يجعلها ياء مكسورا ما قبلها، ولذلك فهو يمد المد الطبيعي، بمقدار حركتين، مثال ذلك: لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ- وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً.
3 – مدّ البدل: هو أن يأتي همز، وبعده مد، في كلمة واحدة.
وقد سمي بذلك، لأننا أبدلنا الهمزة الثانية حرف مدّ من جنس الحركة التي قبلها، ويمد بمقدار حركتين، مثال ذلك: آمَنُوا*- أُوتُوا*- إِيماناً*، والأصل: أأمنوا- أوتوا- إئمانا.
4 – مدّ التمكين: وهو المدّ الواقع على الياء الساكنة، المسبوقة بياء مشددة مكسورة، وسمي بذلك لأن الشدة قبله مكنته، وهو يمد بمقدار حركتين.
مثال ذلك: حُيِّيتُمْ- النَّبِيِّينَ*- الْأُمِّيِّينَ*.
وكما ترى، فإن هذه المدود الثلاثة الأخيرة، الملحقة بالمد الطبيعي، لها حكمه، فتمد المد الذي يمده الإنسان بطبيعته، بمقدار حركتين، ولذلك، فإننا رمزنا إلى هذه المدود، كما رمزنا إلى المد الطبيعي، فتركناها كلها باللون الأسود، دلالة على مدها حركتين، لا غير.
ب- المدّ الفرعي:
هو المد الزائد على المد الطبيعي (الأصلي). وسبب هذه الزيادة هو أحد أمرين:
إما الهمز، وإما السكون.
1 – المدود التي سبب زيادتها الهمز: وهي مدّان فقط، وهما: المد الواجب المتصل، والمد الجائز المنفصل.
آ- المد الواجب المتصل: وهو أن يأتي بعد حرف المد همز يقع معه في الكلمة نفسها.
نظرا لوقوع المد والهمز متصلين في الكلمة نفسها، فقد سمي هذا المد مدا متصلا. ونظرا لإجماع القراء على مده زيادة، فقد سمي هذا المد مدا واجبا، وهو يمد بمقدار خمس حركات. ويجوز- عند بعضهم- مده أربع حركات.
مثال ذلك: جاءَ*- السَّماءِ*- سُوءَ*- قُرُوءٍ- هَنِيئاً* مَرِيئاً- أُولئِكَ*.
وكما يبدو من الأمثلة، فإننا لونا شارة المد باللون الأحمر، دلالة على وجوب مده خمس حركات.
ب- المد الجائز المنفصل وهو أن يأتي حرف مد في آخر كلمة، ويأتي بعده الهمز في أول الكلمة التالية، وهو يمد- عند جمهور علماء الشام- بمقدار أربع أو خمس حركات، تبعا لاختلاف القراء في مده. وقد قال بعضهم: إنه يمد بمقدار حركتين في حالة الحدر، وبمقدار أربع حركات في حالة التدوير، وبمقدار خمس في حالة الترتيل. ونظرا لانفصال حرف المد عن الهمزة، ووقوع كل منهما في كلمة منفصلة عن الأخرى، فقد سمي هذا المد منفصلا.
ونظرا لاختلاف القراء في مده مدا زائدا، فقد سمي هذا المد مدا جائزا، مثال ذلك: يا أَيُّهَا النَّاسُ* وَفِي أَنْفُسِكُمْ قُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّا أَعْطَيْناكَ.
وكما يبدو من الأمثلة، فإننا لونا شارة المد باللون الأخضر، الذي لونا به المد المنفصل، دلالة على جواز مده أربعا، أو خمسا.
2 – المدود التي سبب زيادتها السكون: وهي مدان، المد العارض للسكون، والمد اللازم، وسوف نتكلم عن كل منهما فيما يلي:
آ- المد العارض للسكون: وهو أن يأتي بعد حرف المد حرف متحرك، وقف عليه بالسكون.
ونظرا لعروض هذا المد وطروئه، بسبب الوقف بالسكون على الحرف بعده، [فإذا لم يوقف عليه كان طبيعيا]، لذلك فقد سمي مدا عارضا للسكون.
وحكمه: جواز مده حركتين أو أربعا أو ست حركات، مثال ذلك:
الرَّحِيمِ* الْعالَمِينَ* نَسْتَعِينُ.
هذا ويلحق بهذا المد مد آخر، يتفق معه في السبب الموجب، ألا وهو مد اللين.
مد اللين: هو إطالة الصوت بالواو أو الياء الساكنتين، المفتوح ما قبلهما، الساكن ما بعدهما، سكونا عارضا بسبب الوقف، وهو لا يمد في حالة الوصل، بسبب تحرك ما بعده.
وحكمه في المد: حكم العارض للسكون، فيمد حركتين، أو أربعا، أو ست حركات، مثال ذلك: الصَّيْفِ الْبَيْتَ* خَوْفٌ* يَوْمِ*.
وكما يبدو من الأمثلة، فإننا لم نشر إلى رمز تلويني لهذين المدين، لأنهما مدان عارضان، يطرءان عند الوقف، ولا يدرى أين سيقف القارئ، لذلك، فقد تركنا أمرهما للقارئ يطبقهما حيث يشاء الوقف. كما أن الرسم القرآني المجمع عليه اعتمد وضع الحركات بناء على الوصل، وللقارئ النظر حين الوقف.
ب- المد اللازم: وهو أن يأتي حرف مد، وبعده ساكن سكونا لازما، سواء أكان حرفا ساكنا سكونا أصليا، أم حرفا مشددا.
وقد سمي مدا لازما، للزوم السكون في حالتي الوصل والوقف، أو للزوم مده عند كل القراء ست حركات (وصلا ووقفا)، إلّا العين في (كهيعص) و (حمعسق) فإنه يجوز فيها التوسط أربعا.
وينقسم المد اللازم إلى قسمين، هما: المد اللازم الكلمي والمد اللازم الحرفي.
1 – مد لازم كلمي: وهو المد اللازم الذي يقع في كلمة، وليس في حرف، وهذا المد ينقسم بدوره إلى قسمين.
– مد لازم كلمي مثقل: وهو الذي يأتي فيه بعد حرف المد حرف مشدد، نحو: الْحَاقَّةُ*- الصَّاخَّةُ- الضَّالِّينَ*.
– مد لازم كلمي مخفف: وهو الذي يأتي فيه بعد حرف المد حرف ساكن، وهو لا يوجد إلّا في كلمة الْآنَ* في موضعين من سورة يونس.
2 – مد لازم حرفي: وهو المد اللازم الذي يقع في حرف وليس في كلمة، وهو أن يوجد حرف من فواتح السور، هجاؤه ثلاثة أحرف، أوسطها حرف ساكن.
– إذا أدغم هذا الحرف الثالث الساكن بما بعده كان لازما مثقلا، نحو: مد اللام في (الم).
– وإن لم يدغم هذا الحرف الساكن بما بعده كان لازما مخففا، نحو: مد الميم في (الم)، ونحو: ص- ن- ق.
هذا، وحروف المد اللازم الحرفي ثمانية أحرف، جمعت في كلمة (نقص عسلكم). ويمد المد اللازم الكلمي بفرعيه، أو الحرفي بنوعيه، بمقدار ست حركات لزوما.
تنبيه: إن الحروف الواقعة في أوائل السور، وعددها أربعة عشر حرفا، تنقسم من حيث المد، إلى ثلاثة أقسام:
1 – ما لا يمد أصلا، وذلك في حرف الألف فقط، نحو: الألف من (الم) و (الر).
2 – ما يمد حركتين (طبيعي)، وذلك في خمسة أحرف، مجموعة في قولك (حي طهر)، نحو: حم- طه- الر: فكل من الحاء والطاء والهاء والراء تلفظ في حرفين فقط، وليس في ثلاثة: (حا- طا- ها- را) ولذلك فهي تمد مدا طبيعيا (حركتين).
3 – ما يمد ست حركات (لازم)، وذلك في ثمانية أحرف، مجموعة في قولك (نقص عسلكم) وكلها تمد ست حركات وجوبا، إلّا حرف العين في فاتحة مريم والشورى، ففيهما التوسط والطول، وهو أفضل. ومثال المد ست حركات وجوبا هو اللام والميم في (الم)، واللام في (الر) والسين والميم في (طسم).
وكما يبدو من الأمثلة على هذا المد، بأقسامه وأفرعه، فإننا لونا شارة هذا المد () بلون بني، مركب من اللونين، الأحمر والأخضر.
هذا، وهناك مد آخر يشابه هذا المد بوجود الشدة أو السكون بعد المد، وهو مد الفرق، نبينه فيما يلي:
مد الفرق: وهو أن تدخل همزة الاستفهام على اسم معرف ب (أل) التعريف، فتبدل همزة (أل) التعريف ألفا دية، ليفرق بين الاستفهام والخبر، فيتكون من
ذلك مد نسميه مد الفرق، نمده ست حركات، وهو نادر الوقوع في القرآن، فلا يوجد إلّا في الكلمات الثلاث التالية: الضَّالِّينَ* آلذَّكَرَيْنِ* اللَّهُ*.
وكما يبدو من الأمثلة، فإننا لونا شارة هذا المد () بلون أزرق قاتم، مركب من اللونين الأحمر والأزرق. هذا ويجوز تسهيل الهمزة الثانية.