مجموعة كبيرة من المقالات الفلسفية الخاصة بشعبة أدب ولغات أجنبية, وما يماثلها من الشعب

مجموعة كبيرة من المقالات الفلسفية الخاصة بشهادة الباكالوريا لشعبة أدب ولغات أجنبية وغيرها

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
أيها الزوار الكرام, أهلا وسهلا ومرحبا بكم في هذا المقال.
اليوم أحببت أن أقوم بتجميع مجموعة من المقالات الفلسفية, وأضعها تحت تصرفكم ليستفيد بها طلاب الباكالوريا
حيث هذه المقالات خاصة بالشعب التالية : شعبة لغات أجنبية، شعبة علوم تجريبية، شعبة رياضيات، شعبة تقني رياضي، شعبة تسيير واقتصاد.

قبل أن نبدأ في الماقالات أحب أن أنوه إلى أن هذه المقالات منقولة, حيث قمت بتجميعها من مصادر مختلفة لكي تكن في مكان واحد.
كما أرجو نشر الموضوع لكي تعم الفائدة.
قبل أن ندخل في جو المقالات, أرجوك أرجوكي لا تنسوني من خالص دعائكم.

هيا بنا لنتوكل على الله

مقالات عن أهمية الفلسفة

نموذج 1:

(الطريقة: جدلية)
* المقدمة :
– إن التفكير الإنساني يتعدد ويتنوع بتنوع موضوعاته منه الأدبي والعلمي فالديني والفلسفي فهذا الأخير يبحث في الوجود والمعرفة والقيم بحثا نقديا والبحث في قيمته ادى إلى طرح الإشكالية التالية ، إذا كان التفكير الفلسفي نوع من التفكير الإنساني فهل يعني ذلك أنا هلايمكن الإستغناء عنه ؟ ألا يمكن أن يكون هذا النوع من التفكير لا قيمة له له بالنسبة للإنسان .

العــرض :
– إن البحث في قيمة الفلسفة وأهميتها بالنسبة للبشرية ترتيبي على تعدد وجهات النظر وتباينها أدى إلى ظهور فئتين متعارضتين ومتناقضتين ، فالفئة الأولى يمثلها الفلاسفة عبر مختلف العصور فهم يومنون بإن التفكير الفلسفي تفكير ضروريا بالنسبة للإنسان فهو بحاجة إليه ولا يمكنه الإستغناء عنه فهناك علاقة قوية وعضوية ” وجود الإنسان يعني وجود الفلسفة ” وما يؤكد هذه الحقيقة في نظر أنصار الأطروحة الفلاسفة إن الفلسفة تطرح الإشكاليات الأساسية الضرورية التي تساهم في تطور معارف العلمية الإنسان إلى جانب أنها تحرر العقل البشري من القيود من خلال ممارسة الشك لأنه إعتقاد بأنه يقين ، غير أننا لو أخضعنا هذا الموقف لعملية الفحص والتحليل فإننا نكشف أنه لايعبر عن قيمة الفلسفة تعبيرا دقيقا إذ أن الفلسفة منذ آلاف السنين تطرح نفس الإشكاليات ولم تتمكن من حلها لذلك فهي لا تقدم شيئا نافعا للإنسان وهو ما يمكننا من الإستغناء عنهــا .

– وعلى نقيض القضية ظهرت الفئة الثانية تتمثل في موقف الإتجاه العلماوي الذي يعتقد أن الفلسفة ليست ضورورية للإنسان وليس بحاجة إليها ويمكنه الإستغناء عنها أي بإمكاننا أن نتصور وجود الإنسان بغير فلسفة دون أن يؤثر ذلك على وجود الإنسان وحجته في ذلك ان بإمكان الإنسان أن يعتمدعلى نتائج التي توصل العلم إليه لحل مشاكله المختلفة وهوما حققه العلم في العصور الأخيرة ولم يعد الإنسان بحاجة إلى الفلسفة ، غير أننا لو أمعنا النظر في هذه الأطروحة فسرعان ما نكشف تهافتها إذ أن النتائج العلمية نسبية قابلة للتطور الذي لا يتحقق إلا بفضل هذه النتائج و تصليح الخطأ وهي المهمة والوظيفة الأساسية التي تقوم بها الفلسفة من خلال المنطق وبذلك يبدو أن الإنسان يظل دائما في حاجة إلى الفلسفة .

– والنتيجة الحتمية للجدل السالف الفلسفة تعتبر ضرورية للإنسان ضرورية للإنسان ضرورة نسبية بمعنى أننا نحتاج غليها في مجالات محددة والبحث في أصل الوجود لكنها لاتعد ضورورية في كل المجالات فهي تصلح لتسير كيفية الظواهر ، وأساس ذلك يتضح بشكل لا لبس فيه من خلال العلاقة الجدلية بين العلم والفلسفة التي تحدد إختصاص كل منهما فإذا كان العلم يبحث في الإجابة عن السؤال فإن الفلسفة تبحث في الإجابة عن السؤال لمــاذا .
فبسببه ضورورة الفلسفة تعني أن لها مجالات محددة خاصة بها .

الخــاتمة :
– إذن خلاصة القول في ما يتعلق بقيمة الفلسفة وحاجة الإنسان إليها يمكننا القول أناضرورتها نسبية فهناك مجالات لا يمكن الإستغناء فيها عن الفلسفة فنحن في حاجة ماسة إليها خصوصا في ما يتعلق بقضايا الأخلاق
والمعرفة والمنطق .

نموذج 2:

1- طرح المشكلة:
عادة ما تعرف الفلسفة بكونها ذلك التأمل النظري العميق في مسائل الوجود ككل حسب الفلاسفة اليونانيون وذلك التساؤل النقدي البناء الهادف إلى المعرفة، وهي في الأصل كلمة يونانية مركبة من لفظين :فيلو وتعني محبة وصوفيا وتعني الحكمة،وعليه الفيلسوف هو الذي يسعى إلى المعرفة في أقصى حدودها لذا عرفت قديما بأم العلوم، لكن بعد انفصال العلوم عن الفلسفة وظهور المنهج التجريبي في القرن 17 م اختلفت الآراء بين مؤيدين ومعارضين حول قيمة الفلسفة وحاجة الانسان لها خاصة في عصرنا هذا الذي يعرف مختلف التطورات التكنولوجية والعلمية ، فهناك من يرى ان الفلسفة ضرورية كانتاج فكري من بينهم الانجليزي المعاصر برتراند راسل، والبعض الآخر يرون أنه لا حاجة للتفكير الفلسفي خاصة ان الفلسفة لا تنتهي الى نتائج وبراهين قاطعة عكس العلم مما دعا الى ضرورة استبدال الفلسفة بالعلم وعلى راس هؤلاء انصار الوضعية المنطقية فريدريك وايزمان،وأمام هذا الاشكال نطرح السؤال التالي :هل الفلسفة ضرورية كانتاج فكري؟بمعنى آخرهل الانسان بحاجة للفلسفة في ظل التفدم العلمي؟
2-محاولة حل المشكلة:
أ/ عرض منطق الاطروحة 1 ومسلماتها:
يؤكد البعض أن الفلسفة ضرورية للانسان باعتبارها انتاج فكري ورفضها هو رفض للفكر والعقل،فإذا كان التفكير ملازم للانسان باعتباره وظيفة جوهرية له،فمن المستحيل انكار الفلسفة كنموذج من نماذج التفكير عرفته البشرية عبر التاريخ، والتفكير هو ممارسة لوظيفة طبيعية في الانسان،هي وظيفة عقلية،وعليه التفلسف لا ينفصل عن التفكير،وهذا ما يميز الانسان ككائن عاقل،فهذا الأخير يسعى إلى المعرفة بجميع أنواعها كما يسعى لكشف حقائق الاشياء وماهياتها و اسباب وجودها فيطرح الاسئلة بالفطرة. والسؤال من الناحية الاصطلاحية طلب واستدعاء للمعرفة، لذا الفلسفة هي طلب ورغبة في المعرفة ،والفيلسوف لا يختلف عن أي باحث ومحب للمعرفة يتميز بجهده في البحث عن كل شكل من اشكال المعرفة غايته الوصول الى الحقيقة في اقصى حدودها شأنه شأن العالم ،وعبر التاريخ يؤكد الكثير من الفلاسفة قيمة هذا النوع من التفكير من بينهم الفلاسفة اليونانيون كافلاطون وتلميذه أرسطو،هذا الأخير يؤكد أن منبع التفلسف تمثل في الدهشة حيث يقول:« لقد اتاحت الدهشة للانسان قديما كما حديثا أن يتفلسف….والذي يدهش ويسأل انما يشعر بالجهل…حتى يتحاشى الانسان الجهل بدا بالتفلسف »،فالسؤال في الفلسفة يتميز بخصائص فريدة أبرزها الدهشة الفلسفية والاحراج ويقصد بالدهشة تلك الحيرة والقلق التي يشعر بها الفيلسوف نتيجة جهله لحقيقة الاشياء،فالوعي بالجهل وادراك صعوبة السؤال هو ما يدعو الى التفكير والتامل والبحث عن المعرفة.فلا ياخذ الانسان عالم تجربته على ما هو عليه بكل بساطة بل هو يتعجب ويسال عن الاسباب وحقائق الاشياء : ما اصل الاشياء؟ما الحقيقة؟هل يمكن الوصول الى حقيقة مطلقة؟ما اصل المعرفة العقل ام الحواس؟.ما الخير؟ ما الجمال.؟ ما مصيري بعد الموت؟…الخ، وبالتالي فهي دهشة تتعلق باشياء الطبيعة وما وراءهاوقد عبر عنها الفيلسوف أيو العقلانية روني ديكارت: «بانها دهشة فلسفية يتولد عنها الفضول لا الشرود،تحرك الفكر وتستجيب لاسمى تطلعات الفكر الذي يبحث في المعرفة من اجل المعرفة» لهذا يقول الفيلسوف أفلاطون :«خاصية الفلاسفة الاندهاش من كل شيء »ويقول الفيلسوف الوجودي المعاصر كارل ياسبرز:« يدفعني الاندهاش الى المعرفة فيشعرني بجهلي» ،ونتيجة لهذا الجهل يشعر الفيلسوف أيضا بالاحراج ويقصد به الشك فالفيلسوف في حالة شك وضيق نتيجة الشعور بالجهل وادراك صعوبة السؤال وهذا ما يدفعه للبحث عن جواب .وفي هذا يقول المفكر آلان جيرانفيل: «ان السؤال الفلسفي يهدف الى اماطة الجهل».ولهذا الاسئلة في الفلسفة اهم من الاجابات عكس السؤال العلمي الذي هدفه الوقوف على القوانين العلمية كجواب نهائي فاذاكان العلماء يطرحون مشكلا يمكن حلها آجلا او عاجلا فان السؤال الفلسفي يطرح اشكاليات وهي اسئلة تثير نتائجها الشكوك،ومن ابرز هذه الاسئلة ما ارتبط بالقضايا الميتافيزيقية كمسألة الحرية والمسؤولية،مصير الانسان ،ومختلف المشاكل المرتبطة بالقيم الاخلاقية والجمالية والمشاكل المعنوية فحسب ارسطو العلم والمعرفة كليهما انتاج للتأمل الفلسفي حول الانسان والكون والعالم،فالفلسفة دهشة ووعي بالجهل غاية ممارستها المعرفة من اجل المعرفةوالتاريخ يثبت انه عن طريق التفلسف فقط ارتقى الفكر الانساني من الطبيعة الحيوانية و العفوية والغريزية للانسان لهذا يعرف الفلسفة يقول:« هي علم الوجود بما هو موجود»،فاعتبرها العلم الكلي الذي يشمل باقي العلوم ويعلوها لأنها تبحث في الاسباب والعلل الأولى للوجودوبقدر ما يستطيع عقل الانسان في معرفة الامور العويصةوينتج من هذا ان الفلسفة حسب ارسطو هي العلم النظري بالمبادئ والاسباب الاولى،ويرى أبو العقلانية روني ديكارت: ان للفلسفة قيمة كبيرة حيث يقول: . «…وكنت أريد ان اوجه النظر الى الفلسفة وابين انها نظر لكونها تشمل كل ما يمكن لففكر الانساني ان يعرفه ….وان حضارة كل امة انما تقاس بقدرة ناسها على تفلسف أحسن»،ففي العصر الحديث كانت الفلسفة هي أم العلوم فالفيليوف في العصر الحديث هو الملم بجميع المعارف الى درجة يشبهها ديكارت بشجرة جذورها الميتافيزيقا وجذعها الفيزيقا او العلم واغصانها مختلف العلوم على راسها الاخلاق ةاطب والميكانيكا،بل بل كانت الفلسفة في العصر الحديث مقياس تحضر الامم ،حيث نقول أن أمة ما متحضرة على أساس عدد الفلاسفة فيها، ومن أبرز الفلاسفة المسلمين الذين وضحوا قيمة الفلسفة نجد ابن سينا ت 1037م الذي يرى ان حقيقة الفلسفة لا تكمن في المعرفة فقط بل هي موقف من الحياة يقفه الانسان لاثبات جدارته بحياة متميزة عن حياة باقي الكائنات غير العاقلة يقول« الحكمة صناعة نظر يستفيد منها الانسان تحصيل ما عليه الوجود كله في نفسه وما عليه الواجب مما ينبغي ان يكسبه فعله لتشرف بذلك نفسه وتستكمل وتصضير عالما معقولا»، أما الفيلسوف ايمانويل كانط: « يرى الفلسفة من المهمات الاولية التي تقع على عاتق كل انسان باعتبارها عمل تنويري» والكثير من الفلاسفة المغاصرين ابرزوا قيمة الفلسف على راسهم الانجليزي برتراند راسل يقول« ان قمة الفلسفة تكمن فيما هي عليه من عدم اليقين بالذات….وان كانت الفلسفة عاجزة عن ان تهدينا على وجه اليقين الى الجواب الصحيح لما تثيره من شكوك فعلى الاقل هي قادرة على ان توحي بكثير من صور الامكان التي توسع عقولنا وتحررنا من عقال العرف والتقاليد….وتوقظ فينا الشعور بالتعجب والرغبة في الاطلاع….. :»
ب – نقد الادلة 1: لكن تطور الفكر الانساني اليوم راجع بالدرجة الأولى الى التطور العلمي والتكنولجي ،لا التفكير الفلسفي خاصة بعد انفصال العلوم عنها،وبما أن اللسفة لا تنتهي الى نتائج نهائية أو براهين قطعية اقتنع بعض العلماء أن البحث الفلسفي بحث عبثي لا طائل منه ،خاصة ان التفسير العلمي يتناقض مع التفسير الميتافيزيقي لذا دعو الى ضرورة استبدال الفلسفة بالعلم
ج -عرض منطق الاطروحة النقيض ومسلماتها:أكد البعض ان التفكير الفلسفي تفكير كلاسيكي،لا يمكن اعتباره إلا مرحلة من مراحل تطور الفكر البشري فهي بحث عبثي لا يصل إلى نتائج نهائية،وتتعدد فيه الإجابات المتناقضة،بل نظرتها الميتافيزيقية تبعدها عن الدقة الموضوعية التي يتصف بها الخطاب العلمي خاصة بعد ان هجرت العلوم شيئا فشيئا المنهج التاملي الفلسفي الى منهج البحث العلمي حيث لم يعد لها موضوع بعد انفصال العلوم وتخصصها،فلم يبقى لها سوى الميتافيزيقا التي يستعصى البحث فيها تجريبيا،فأصبحت مجرد أوهام لا يمكن الوصول فيها الى يقين،وهكذا أعلن البعض موت الفلسفة فلم يعد للمعرفة الفلسفية دور في الحياة الإنسانية بعد ظهور وتطور العلم في العصر الحديث هذا الذي جعل العالم الفرنسي أوجست كونت يعتبرها مرحلة من مراحل الفكر «حالة من الحالات الثلاث المرحلة اللاهوتية–المرحلة الميتافيزيقية–المرحلة الوضعية» التي حان للفكرالبشري أن يتخلص منها حتى يترك للمرحلة الوضعية–العلمية- وهي المرحلة العلمية ذاتها،و تقدم العلوم وانفصالها عن الفلسفة جعل منها مجرد بحث لا طائل من وراءه أو بمعنى أخر ما الذي يبرر وجود الفلسفة بعد أن استحوذت العلوم الحديثة على مواضيعها.فالفلسفة بحث عقيم لا جدوى منه،فهي لا تفيد الإنسان في شيء فلا معارف تقدمها ولا حقائق لأنها مجرد تساؤلات لا تنتهي ،كثيرا ما تكون متناقضة وتعمل على التشكيك في بعض المعتقدات مما يفتح الباب لبروز الصراعات الفكرية كما هو الشأن في علم الكلام وهذا الذي دفع غوبلو يقول:« المعرفة التي ليست معرفة علمية لا يمكن اعتبارها علما بل جهلا» وذهب أنصار الوضعية المنطقية في هذا العصر،من جماعة فينا شنوا هجوما عنيفا على الفلسفة وأكدوا ان عهد الفلسفة انتهى وحان الوقت لاستبدالها بالعلم الذي يمثل المرحلة الوضعية للفكر الانساني،ونظروا الى الفلسفة نظرة سلبية ورفضوها باسم العلم بحجة ان العلم مبني عل الاتفاق وان معارفه يقينية ،تتقبلها جميع العقول البشرية بينما الفلسفة منذ فجر التاريخ لم تصل الى حقائق يقينية وقطعية،كما أن التقدم العلمي والتكنولوجي راجع الى المنهج التجريبي والدراسة الوضعية للطبيعة و الفلسفة باستمرارها في طرح تساؤلاته لا تيسر حياة الإنسان مثلما يفعل العلم فإنها تفقد قيمتها ومكانتها وضرورتها .فحاجة الإنسان إلى الفلسفة مرتبطة بمدى معالجتها لمشاكله وهمومه اليومية حيث يقول فريديريك وايزمان: «البراهين الفلسفية ليست استدلالية،لذا فانها ليست حاسمة ولا تثبت شيئا.فأقدر الأدمغة تختلف فيما بينها .ويستحيل وجود هذه الاختلافات في الأنساق الواضحة،ووجودها في الفلسفة شاهد على خلو البراهين الفلسفية من الصرامة المنطقية التي تتسم بها الرياضيات والعلوم الدقيقة»، ولهذا السبب أايضا نجد المفكر العربي المعاصر زكي نجيب محمود يسيخر من التفكير الميتافيزيقي، فالبعض يعتقد ان الفلسفة ما هي إلا ادعاءات ميتافيزيقة فارغة لا جدوى منها ولابد من الاعتماد على التفكير العلمي الذي استطاع أن يحل مشاكل الانسان ويجيب عن أسئلته بطريقة موضوعية ،وعن طريق العلم فقط تحرر الانسان من الطبيعة وكشف اسرارهات وأصبح يتحكم فيها وهو الوسيلة التي يبلغ بها السعادة حيث يقول الامريكي وليام جيمس «الميتافيزيقا مجرد خرافة »
د-نقد الادلة 2: لكن طبيعة الفلسفة تختلف عن طبيعة العلم ، فلا يمكن قياس النشاط الفلسفي بمقياس علمي ، لأن الفلسفة تجيب عن تساؤلات لا يجيب عنها العلم كما يقول برتراند راسل:« مهمة الفلسفة هي البحث في ما يعجز عنه العلم،»فالعلم لا يستطيع الاجابة عن كل تساؤلات الانساني خاصة اذا تعلق الامر بمشاكل المعرفة والقيم الاخلاقية والجمالية :ما الحق ؟ما العدالة ،هل الانسان حر ام مقيد؟…الخ وبالتالي مهمة الفلسفة أرقى من مهمة العلم كونها تهتم بالوجود ككل خاصة الانساني..فالعلم لا يستطيع البحث فيها نظرا لطبيعة منهجه التجريبي،بل ان مثل هذه المواضيع الاشكالية تحتاج بحث فلسفي. ولا يمكن انكار التفلسف كظاهرة انسانية ،والذين يشككون في الفلسفة مضطرون الى استعمالها من حيث لا يشعرون لهذا يقول ارسطو «:أن كل هجوم على الفلسفة هو في الحقيقة تفلسف» لأن مهمة الفلسفة اليوم بالدرجة الاولى دراسة نقدية لمختلف العلوم
ه-التركيب /التغليب/ التجاوز:مثلما يحتاج الانسان اليوم الى العلم يحتاج أيضا الى الفلسفةخاصة بعدما ادرك الانسان مع نهاية القرن 20م ان العلم وحده لن يمكنه من بلوغ السعادة الحقيقية بل ادى العلم الى الاهتمام بالجانب المادي فقط واهمال الجانب المعنوي الروحي وخلق عدة مشاكل اخلاقية ومعنوية لم يستطع العلم بوسائله حلها خاصة مشكلة تهديد الوجود الانساني بعد صنع الاسلحة النووية،تسائلت الانسانية عن مصيرها،بل شكت في نتائج العلم وابعاده الاخلاقية والسياسية والاجتماعية….الخ. وهنا برزت الحاجة الى التامل الفلسفي في نتائج العلم ومناهجه،لذا يلح الفيلسوف غاستون باشلار في جميع كتبه تقريبا «على ضرورة ربط العلم بالفلسفة ربطا وثيقا وعلى ان لا ينفصل الفيلسوف قط عن ارض التجارب العلمية »فبالرغم من انفصال العلوم عن الفلسفة فانها تحتاج اليها كتساؤل فحص انتقادي ينصب على نتائج العلوم ومناهجها ووسائلهاوعلاقة العلوم ببعضها البعض وقيمتها ،فالمنهج العلمي بحاجة دائمة ومستمرة الى النقد الفلسفي وعلى ضوء هذه الدراسات النقدية تتطور العلوم وتتجنب اخطاءها المنهجيةويلخص الفرنسي ول ديورانت العلاقة بين الفلسفة والعلم:« العلم بدون فلسفة اداة خراب ودمار والفلسفة بدون علم عاجزة» ،لذا قيمة الفلسفة لا تكمن في الصول الى اجابة بل في تساؤلها المستمر المبني على النقد والرغبة في توسيع معارفنا،وعلى ضوء هذه الدراسة النقدية تتطور الفلسفة بتعدد مذاهبها وتجددها لذا يقول هيجل الالماني: «ان العلوم هي بمثابة الارضية التي تتقدم بها الفلسفة وتتجدد»،والتاريخ يثبت ان هناك علاقة بين الفلسفة والواقع،،فالفلسفة كتفكير كثيرا ما ساهم في تغيير أوضاع الإنسان من خلال البحث عن الأفضل دائما،فقد تغير وضع المجتمع الفرنسي مثلا بفضل أفكار جون جاك روسو عن الديمقراطية.وقامت الثورة البلشفية في روسيا على خلفية أفكار فلسفية لكارل ماركس عن الاشتراكية ، وتبنت الولايات المتحدة الأمريكية سياستها كلها عن أفكار فلسفية لجون ديوي عن البراغماتية .وبالتالي فهي ليست تفكير ميتافيزيقي منفصل عن الواقع
3-الفصل النهائي للمشكلة:
وفي الأخير نخلص إلى أن الإنسان يعتمد في تكوين معرفته وتطوير حياته عن طريق الفلسفة والعلم معا فلا يوجد تعارض بينهما فإن كانت الفلسفة تطرح أسئلة فإن العلم يسعى سعيا للإجابة عنها ، ثم تقوم هي بدورها بفحص إجابات العلم و نقدها و. وهذا يدفع العلم إلى المزيد من البحث والرقي وهذا الذي دفع الفيلسوف كارل بوبر: «مشكلة فهم العالم بما في ذلك نحن انفسنا كجزء من هذا العالم والفلسفة معا يساهمان في حل هذه المشكلة»

مقالة فلسفية: قيل إن الحتمية أساس الحرية أثبت بالبرهان صحة هذه الأطروحة ؟

(الطريقة: استقصاء بالوضع)
طرح الإشكالية
يقول أحد الفلاسفة ” أعطيني حلا لمشكلة الحرية أعطيك حلا لكل المشاكل الفلسفية ” إذا فربما هذه المقولة أكبر دليل يدفعنا إلى القول بأن الحرية من أعقد و أقدم المشكلات الفلسفية فهي لها صلة مباشرة بما وراء الطبيعة ولقد شاع بين بعض الفلاسفة من أنصار الحتمية أنه لا مجال للحديث عن الحرية في عالم تحكمه مجموعة من الحتميات الصارمة إلا أن هناك من يعتقد عكس ذلك وهم فريق أنصار التحرر الذين يروا أن التسليم بوجود الحتميات و إدراكها شرط لممارسة الحرية فإلى أي مدى يمكن الدفاع عن هذه الأطروحة ؟ وهل يمكن إثباتها بحجج ؟ وبالتالي الأخذ برأي مناصريها ؟

محاولة حل الإشكالية
عرض منطق الأطروحة : هذا الموقف الفلسفي يرفض الطرح الميتافيزيقي لمشكلة الحرية باعتبارها مشكلة الإنسان الذي يعيش في الواقع ويواجه جملة من الحتميات . وأول من ابتدأ الطرح الواقعي لها الفيلسوف المسلم “ابن رشد ” ( 1126 – 1198) ونزع التعارض القائم بين الحرية والحتمية ؛ حيث قدم وجهة نظر جديرة بالاهتمام . فالإنسان عنده حر حرية محدودة في حدود قدرته وعلمه ووعيه حيث يقول في هذا الصدد ” … أن الله تبارك و تعالى قد خلق لنا قوى نقدر بها أن نكتسب أشياء هي أضداد . لكن لما كان الاكتساب لتلك الأشياء ليس يتم لنا إلا بمواتاة الأسباب التي سخرها الله من خارج وزوال العوائق عنها ، كانت الأفعال المنسوبة إلينا تتم بالأمرين جميعا …” ونفس الموقف نجده يتكرر مع الفيلسوف الفرنسي بول فولكي عندما يقر أن الحرية والحتمية في واقع الأمر متكاملتان والتحرر حسبه يقتضي معرفة القيود و الموانع و الحتميات التي تعترضه . وقد اعتمد هذا الموقف على المسلمة التالية : أن الحتمية والحرية مفهومان غير متناقضين – حسب الطرح الميتافيزيقي – وإنما الحتمية شرط ضروري لقيام الحرية ، أما الحجج المعتمدة في هذا الطرح : نذكر منها الحجة الواقعية التي استخدمها بول فولكي في إثبات علاقة التكامل بين الحتمية والحرية بل رأى أنه انعدام الحتمية يؤدي إلى انعدام الحرية ؛ فعدم وجود قوانين تنظم السلوك الإنساني وتوجهه يؤدي إلى الفوضى في السلوك يفقد من خلالها الإنسان حريته وقد قوى حجته بمثال رائع حينما قال ” إنه من السهل علينا أن نذهب حيث شئنا بسيارة لأن حركتها مضبوطة ومدروسة بدقة سلفا ، ولكنه من الصعب أن نستعمل الحصان لأن حركاته كثيرا ما تكون عفوية . وهناك حجة تاريخية تؤكد هذا الطرح : و هو أن الإنسان عندما تعرف كيف يقرأ مجهولات الطبيعة عن طريق العلوم الطبيعية خاصة استطاع بها الكائن البشري أن يتحرر من مجموعة من القيود هذا الذي جعل “مونيي ” ( 1905 – 1950) يقول : ” إن كل حتمية جديدة يكتشفها العالم تعد نوطة تضاف إلى سلم أنغام حريتنا ”
نقد خصوم الأطروحة : يرى هذا الاتجاه أنه من التناقض الجمع بين الحرية والحتمية في آن واحد . فحسب هذا الموقف إما أن تكون الحرية كمفهوم مطلق موجودة [من دون أي إكراه خارجي أو داخلي وبما الإنسان كائن عقلاني كما يؤكد أهل إثبات الحرية بدلالة شهادة الشعور تارة حسب “ديكارت ” ( 1596 – 1650) ” مين يبيران ” ( 1766 – 1824 ) و برغسون ( 1859 – 1941 ) حيث يعتبرها هذا الأخير إحدى مسلمات الشعور والتي ندركها بالحدس ، إنها حسبه ذلك الفعل الذي يتبع من الديمومة أو الأنا العميق أما سارتر ( 1905 – 1980 ) أن الحرية هي جوهر الوجود الإنساني وتارة أخرى يعتمد هذا الاتجاه باسم الحجة الأخلاقية بدعوى مشروعية التكليف ففريق المعتزلة يرى أنه يطلب من المكلف إما الترك أو الفعل و يؤكد على نفس الموقف الفيلسوف الألماني ” إيمانويل كانط “( 1724 – 1804 ) حيث يقول ” إذا كان يجب عليك فإنك تستطيع ” بالإضافة إلى ذلك الحجة الاجتماعية والحجة الميتافيزيقية التي تثبت وجود الحرية ] وإما أن تكون الحرية غير موجودة بمفهوم مطلق أي توجد الحتمية التي تنفيها و يمثل هذه الفكرة ” أهل النفي ” وهم أنصار الميتافيزيقا الإسلامية ( يمثلها جهم بن صفوان المتوفي سنة 128 ه الذي يرى أن الإنسان مسير بإرادة الله ) في العصور الوسطى وامتداداتها إلى العصر الحديث مع موقف سبينوزا (1632 – 1677) الذي يقول بموقف الضرورة الإلهية. وكذلك نجد أنصار النزعة العلمية الحديثة الذين يقرون بأن الإنسان محفوف بمجموعة من الحتميات تمنعه أن يكون حرا حرية مطلقة وقد عددوها بين حتميات ؛ فيزيائية ( أفعال وأفكار الإنسان تنطبق عليها قوانين الحتمية مثل انطباقها على الظواهر الفيزيائية والكيميائية ) و حتمية بيولوجية ( يرتبط سلوك الإنسان بمكوناته البيولوجية التي تفرض عليه السلوكات التي يفعلها لهذا فهو يتصرف إلا في حدود هذه المكونات يقو العالم الإيطالي لومبرزو ” أن المجرمين ليسوا مجرمين بإرادتهم وإنما الطبيعة البيولوجية هي التي أجبرتهم على ذلك ” ) وحتمية نفسية ( ترى أن السلوك الإنساني مرتبط بالمجريات النفسية تأتي إما في شكل منبهات طبيعية واصطناعية حسب واطسن ( 1856 – 1939 ) أو تأتي على شكل مكبوتات لاشعورية يستطاع أن يتنبأ بها حسب فرويد و في كلتا الموقفين الإنسان هو محتم أن يعمل وفق هذه الضغوطات كلها وهذا يأخذنا إلى نوع أخير من الحتميات وهو الحتمية الاجتماعية ( ترى أن أفعال الإنسان الفردية إذا لم تلتزم بقواعد المجتمع التي تسير حياته مهما بلغت طموحاته فلا يجب على الإنسان أن يتجاوزها مثل ما يؤكد عليها دوركايم ( 1858 – 1917 ) ) وبعد أن عرضنا كل موقف الخصوم ورغم حججه الدامغة نجد أنه يتعرض إلى عدة انتقادات نكرها فيما يلي
– نفي الحرية بحجة وجود الحتميات الداخلية و الخارجية ، دعوة إلى السلبية والخضوع والاستسلام وهذا الذي كان حاصلا فعلا في العالمين سواء الإسلامي في أواخر سقوط نهضته عندما لم يستمع لأفكار ابن رشد وانصاع لفكرة الحتمية ، أما العالم الغربي فقد نام طيلة العصور الوسطى بفكرة الحتمية المسيحية التي شللت عقول وجهود الإنسان الغربي
– الإنسان يملك قوى كالعقل و الإرادة و الشعور تمكنه من إدراك الحتميات وتسخيرها لخدمة مصالحه
– الحرية ليست مشكلة للتأمل الميتافيزيقي بقدر ما هي مشكلة الإنسان وسلاحه لمواجهة كل أشكال الضغط . فعلى الفلسفة أن تواكب طموحات الإنسان لا أن تسكنه في معراج الأحلام الوهمية البعيدة عن التصور ولو تجسد للحظة وهم الحرية المطلقة
– و ابرز من جسد الفعل النقدي للطرح الميتافيزيقي الفيلسوف كارل ماركس ( 1811 – 1883 ) الذي فضل تغيير العالم بدعوته إلى التحرر أحسن من تفسير العالم كما تعكف الفلسفة على فعله الآن . ولذلك أدرج التيار التقليدي الذي يطرح الحرية طرحا ميتافيزيقيا ضمن التيارات الرجعية الرافضة للتقدم الأمر الذي ساعد على تأسيس فكرا جديدا يمثله التيار التقدمي التنموي في مواجهة الثابت والستاتيكي
الدفاع عن الأطروحة بحجج شخصية شكلا ومضمونا :
إن الأطروحة القائلة بأن الحتمية أساس الحرية نستطيع الدفاع عنها و إثباتها بحجج و أدلة جديدة تتمثل فيما يلي :
أما الحجة الأولى تقول أنه كل دعوة إلى ممارسة الحرية خارج إطار القوانين دعوة إلى الفوضى و التمرد واللامبالاة فلو تركت الأجرام السماوية من دون نظام وقوانين لاختلطت وتصادمت يبعضها البعض ونفس المقياس نقيس به الإنسان فبقدر بحثه عن الحرية بقدر حاجته إلى قوانين تنظم حياته فها هانا حقا سيحصل التوازن لا محالة . أما الحجة الثانية فتقول أن الكائن البشري يسري في طريق تحرر كلما بذل من جهد عن طريق العمل مثل ما أكده الفيلسوف هيجل ( 1770 – 1831) واعتبره منبع للحرية كما بينه في جدليته الشهيرة ” جدلية السيد والعبد ” حيث تحول العبد بفضل العمل إلى سيد على الطبيعة و سيد سيده ، أما السيد فهو عبد للطبيعة وعبد لعبده لارتباطه بعبده في تلبية حاجياته . أما الحجة الثالثة قائمة على دور العلم في كشف القوانين التي تعتبر قيود تنتظر الفك نحو تحرر الإنسان منها . فقد سجل الإنسان حسب الاستقراءات التاريخية قفزات هائلة في حلقات الانتصار على الطبيعة وظواهرها ( الفيضانات ، البراكين ، الأمراض …) أنظروا معي في المقابل (أنشئت السدود ، أخليت المناطق البركانية ، اكتشفت كل أنواع المضادات ضد أفتك الأمراض مثل داء الكلب كان يشكل حتمية مخيفة على الإنسانية في فترة من الفترات إلى أن جاءت مضادات باستور وحررت الإنسان من قيد الموت المؤكد…) و نفس الحال يتكرر كلما اشتدت الحمية خناقا على الإنسان جاء العلم ليحل ويطلق سراح الإنسان من خوفه وحيرته . كما أننا يجب أن ننتبه أن إنسان اليوم صار أكثر حرية من إنسان الماضي لأنه أكثر اكتشافا للحتميات فبفضل قوانين الأثير أصبح العالم عبارة عن قرية صغيرة على حد قول عالم الاجتماع الكندي ماك لوهان وصولا إلى فضاء الانترنت و إلى كل أنواع التقدم الحاصل إلى حد كتابة هذه المقالة ، ضف إلى ما توصل إليه الإنسان في معرفة القوانين النفسية التي مكنت الإنسان من التحرر من نقائص الطبع ومختلف الميول والرغبات والعقد النفسية المختلفة ، أما في الجانب الاجتماعي فلقد استطاع علماء الاجتماع أن يحصوا الظواهر التي تؤذي المجتمعات الإنسانية فقاموا بتقليص كل المشاكل التي تهدد انهياراتها مثال حي أنظر سياسة تعامل المجتمعات الغربية مع ظاهرة التدخين أو ظاهرة المخدرات من أجل تقليص أعدادهم وتضمن السلامة الكافية لراسمي مستقبلها . وقس على ذلك كل الممارسات السياسية و الاقتصادية في ظل عملية التأثر والتأثير بين الفرد ومجتمعه في مسائل الالتزام بالقوانين والشعور بالتكليف والمسؤولية وفي نفس الوقت المطالبة بكل أنواع الحقوق و في جميع المجالات

حل الإشكالية
وبعد أن صلنا وجلنا في غمار هذه الأطروحة نؤكد على مشروعية الدفاع و الإثبات لأنه يظهر لنا أن القول بأن الحتمية أساس الحرية أمر أكده العلم وأثبت تاريخ العلوم و الاكتشافات و كل الاختراعات ذلك ومنه نخلص إلى أنه كلما زادت وتطورت معارف الإنسان كلما اتسعت دائرة الحرية . وعليه نكثر من تكرار قول لا بد من معرفة الحتميات و القوانين شرط لممارسة الحرية و التأكيد على الطابع العملي لمشكلة الحرية لا يستبعد الجانب الفكري الذي يتمثل في الوعي بالأهداف و الغايات و الأبعاد لفعل التحرر . فنحن نعيش في وقتنا الحاضر لحظة رعب من إفلونزا الخنازير جعل من منظمة الصحة العالمية أن تدق ناقوس الخطر بل جعلت المرض في الدرجة الخامسة لكننا متأكدين أن العلم لن يقبع متفرجا أمام هذا المرض لأن الإنسان مرتبط دائما بآية قرآنية “وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ” وهي كونية بالنسبة لأي إنسان شد الرحال إلى أن يكتشف ألغاز الطبيعة وهذا ما يؤكد فعلا صحة أطروحتنا

مقالة فلسفية: هل الحرية شرط تأسيس المسؤولية أم المسؤولية شرط وجود الحرية ؟

(الطريقة: جدلية)

طرح المشكلة:

القضية المطروحة للبحث تتعلق بالحرية والمسؤولية، وهي قضية مركبة لا يمكن تجزئتها، بمعنى انه لا يمكننا طرح قضية الحرية بمفردها بمعزل عن المسؤولية، وكذلك العكس صحيح، فالمسؤولية مشروطة بالحرية ولا معنى لها في غيابها،أي انها تثبت بثبوت شرطها وترفع برفعه، وكذلك الحرية تستوجب قيام المسؤولية.انهما اذن متلازمان في الوجود ولايمكن الفصل بينهما. أن المشكلة في الحقيقة مزدوجة تدعونا تارة الى الانطلاق من الحرية كشرط لتأسيس المسؤولية وتارة اخرى الى اعتبار هذه المسؤولية شرطا يبرر ويستوجب وجود الحرية.

ايهما يعتبر المبدأ الحرية أم المسؤولية؟ او بصيغة اخرى ايهما يعتبر شرطا للآخر أم مشروطا به؟

الجزء الاول(( الحرية مبدأ وشرط للمسؤولية))

طرح يقول بان الحرية هي المبدأ وهس الشرط، وان الحديث عن المسؤولية لا يستقيم الا بوجود الحرية، ويترتب عن هذا الطرح انه يجب البحث اولا في الحرية والنتائج التي يخلص اليها البحث هي التي تحدد ثبوت المسؤولية او عدم ثبوتها، يمثل هذا الطرح مناصرو الحرية ونفاتها واصحاب الكسب والتوسط وكذلك دعاة التحرر.

1.أنصارالحرية
اليوناني افلاطون: حرية الاختيار مبدأ مطلق لا يفارق الانسان وهو مبدأ أزلي يتخطى حدود الزمان والمكان، وقد عبر افلاطون عن هذا المبدأ في صورة اسطورة ملخصها ان الاموات يطالبون بان يختاروا بمحض حريتهم مصيرا جديدا لتقمصهم القادم وبعد اختيارهم يشربون من نهر النسيان ثم يعودون الى الارض وق نسوا بانهم هم الذين اختاروا مصيرهم ويأخذون في اتهام القضاء والقدر في حين ان الله بريء.
المعتزلة في الفكر الاسلامي: ما يدل عندهم على ان الانسان يمارس افعاله بارادته الحرة هو شعوره بها انها تصدر منه ويتضح ذلك في قولهم(( الانسان يحس من نفسه وقوع الفعل على حسب الدواعي والصوارف، فأذا اراد الحركة تحرك واذا اراد السكون سكن.)).كما ان وجود التكليف الشرعي والجزاء الذي يتبعه دليل آخر على حرية ارادة العبد ودليل على عدل الله.
الفرنسي ديكارت: الحرية مثبتة بشهادة الشعور وحده من غير حاجة الى ادلة وذلك من خلال قوله(( ان حرية ارادتنا يمكن ان نتعرف اليها بدون ادلة وذلك بالتجربة وحدها التي لدينا عنها. لكن ديكارت يميز بين حرية الاختيار الحقيقي وحرية اللامبالات، فالاولى تتم بالاختيار بين عدة بدائل استنادا الى مبررات ذاتية، اما الثانية ففيها يستوي الضدان((الاثبات والنفي)) بلا رجحان.
الفرنسي برغسون: يصف الحرية بقوله((انها معطى مباشر للشعور.))، كما ان شعورنا بالحرية متغير با ستمرار بحيث لا يمكن ان تتكرر حالتان متشابهتان اطلاقا، وهذا يعني ان الحياة النفسية لا تخضع الى قانون الحتمية، كما ان الفعل الحر يصدر عن النفس بأجمعها، وليس عن قوة تضغط عليه او عن دافع يتغلب على غيره، وذلك من خلال قوله(( ان الفعل الحر ليس فعلا ناتجا عن التروي والتبصر، انه ذلك الفعل الذي يتفجر من اعماق النفس.)).
الفرنسي جون بول سارتر: لا فرق بين وجود الانسان وحريته، فهو محكوم عليه بالاختيار والمسؤولية وفي ذلك يقول(( ان الانسان لايوجد اولا ليكون بعد ذلك حرا، وانما ليس ثمة فرق بين وجود الانسان ووجوده حرا.)) وقال ايضا(( انه كائن اولا ثم يصير بعد ذلك هذا او ذاك.)).
استنتاج: ينتج عن هذه المواقف الكلاسيكية جميعها ان الانسان حر حرية مطلقة ومن ثمة فهو مسؤول ويتحمل عواقب اختياراته.

مناقشة مواقف مناصري الحرية:
ان القول بوجود حرية مطلقة في غياب كل اكراه داخلي او خارجي هو موقف ميتافيزيقي مجرد لا وجود له في حياتنا الواقعية، فأرادتنا لا يمكنها ان تقول للشيء كن فيكون، انها لا تستطيع ان تنفلت خارج الحتميات وتتحدى قوانين الطبيعة والنفس.
كما ان الشعور بالحرية قد يكون مصدر خداع ووهم كما يصفه الفيلسوف سبينوزا فهو شعور اشبه ما يكون بحجر رمي به من الفضاء وفي ذلك يقول((لو كان يتوفر على شيء من الشعور لظن في اثناء رميه وسقوطه نحو الارض انه يقرر مسار قذفته ويختار المكان والوقت الذي يسقط به.)).
كما نأخذ على الفيلسوف برغسون قوله بحرية الفرد المنعزل عن الآخرين.
كما نسجل على الفرنسي سارتر حذفه لكل تمييز بين افعالنا الحرة منها وغير الحرة ما دامت الحرية تطابق وجود الانسان،كما انه ينفي الحرية من حيث اراد ان يثبتها لأنه يعتبر ان الانسان محكوم عليه بالاختيار.
2.نفاة الحرية:
الحتمية الفيزيائية: الانسان مثله مثل جميع المخلوقات لا يعدو ان يكون جسما يخضع لقانون الجاذبية ويتأثر بالعوامل الطبيعية من حرارة وبرودة..الخ
الحتمية الفيزيولوجية: وتتمثل في تأثير المعطيات الوراثية وتأثير الغدد الصماء والجملة العصبية وهي التي تحدد الجنس والخصائص الجسمية.
الحتمية النفسية: وتتمثل في تأثير الجانب اللاشعوري وتوجيهه للسلوك وهذا ما بينته نتائج التحليل النفسي عن النمساوي سيغموند فرويد.
الحتمية الاجتماعية: يؤكد علماء الاجتماع ان التصورات والافكار والافعال الصادرة عن الفرد راجعة الى تأثير المكتسبات الاجتماعية من عادات وقيم واخلاق التي تشكل في مجموعها الظمير الجمعي.
الحتمية الميتافيزيقية: وتتمثل في جبرية القضاء والقدر، قال بها الجهمية حيث ذهبوا الى ان افعال الانسان ليست اختيارية انما يخلقها الله فينا على حسب ما يخلق في سائر الجمادات، والافعال تنسب الينا مجازا كما تنسب الى الجمادات، فكما يقال اثمرت الشجرة وجرى الماء وتحرك الحجر وطلعت الشمس او غربت كذلك يقال سافر فلان او نجح فلان….الخ.
3.أنصار التوسط بين الجبر والاختيار
موقف الاشاعرة: يرى الاشعري ان الافعال الصادرة عن الانسان مشاركة بين الانسان وخالقه، فالانسان يريد الفعل والله يخلقه.
4.أنصار التحرر
الرواقيون: الانسان يعيش عالمين عالم داخلي قوامه الحرية أي انه حر امام ذاته وعالم خراجي قوامه الضرورة، أي ليس حرا امام العالم الخارجي لأنه لا يستطيع ان يؤثر في الاشياء الخارجية. واذا كان الرواقيون قد حاولوا التوفيق بين الضرورة والحرية فأن الضرورة تبقى هي الاصل في كل الاشياء، اما الحرية فأنها تكتسب من خلال موافقة الانسان لقوانين الكون ومحاولة فهمها لا معارضتها.
الالماني كارل مار كس وصديقه فريدريك انجلز: يتمثل التحرر من خلال معرفة الانسان لمختلف القوانين الحتمية واستغلال نتائجها من الناحية التطبيقية، وفي هذا السياق قال ماركس((الحرية وعي بالضرورة))وقال انجلز((فالانسان لم يكن يتميز عن الحيوان لان سيطرته على نفسه وعلى الطبيعة لم تكن بعد قد تحققت وبالتالي فان حظه من الحرية لم يكن يزيد عن حظ الحيوان منها، لكن المؤكد ان كل خطوة خطاها في سبيل الحضارة لم تكن سوى مرحلة من مراحل تحرره.)).
الشخصانية:باعتبارها فلسفة عمل وتحرر بقول رائدها ايمانويل موني((ان الحرية لا تكتسب بمضادة الطبيعة انما تكتسب بالانتصار عليها وبها.)).
استنتاج:ينتج عن هذه المواقف ان الانسان فاقد للحرية ومن ثمة فهو غير مسؤول عن افعاله أي لا يتحمل نتائج ما يصدر عنه من تصرفات.

مناقشة آراء نفاة الحرية وأصحاب التوسط ودعاة التحرر
ان الاقرار بالحتمية لايعني تكبيل ارادة الانسان ورفع المسؤولية عنه، فهناك فرق بين عالم الاشياء وعالم الانسان، فالاول يستجيب آليا لنظام الطبيعة والثاني يستجيب له وهو كله وعي واكثر من ذلك يستطيع ان يسخر لنفسه قوانين الطبيعة حسب ارادته بعد معرفتها والتحكم فيها، فالحتمية لاتتنافى مع الحرية ان هي اخذت في هذا السياق على انها تحرر.
كما ان القول مع الجهمية ان ادعاء الحرية يتعارض شرعا مع مسألة الايمان بالقضاء والقدر، قول يناقض التكليف الشرعي وما يتبعه من جزاء، كما انه قول يدعو الى التواكل والاستسلام والافلات من الواجب والمسؤولية.
استنتاج: من خلال ما سبق بيانه حول استعراض الحتميات ومناقشتها لنا ان نتساءل كيف تقوم المسؤولية والشرط الذي يؤسسها لم يتأكد، اذ ليس من المعقول الحديث عن شيء يتوقف ثبوته او نفيه على امر مجهول، ومع ذلك تبقى المسؤولية-كما سنرى-في منطوق الطرح الثاني قائمة يتحملها الانسان بوصفه انسانا.

الجزء الثاني((المسؤولية مبدأ وشرط للحرية))

طرح يرى ان المسؤولية قضية سابقة لطرح قضية الحرية، بمعنى ان الانسان يجب ان يكون مسؤولا اولا ليكون بعد ذلك حران يمثل هذا الطرح رجال الدين وفلاسفة الاخلاق، ودليلهم في ذلك ان التكليف سواء كان شرعيا او اخلاقيا يسبق الحرية ويبررها بغض النظر عن العوامل التي تحيط بالمكلف.
المعتزلة في الفكر الاسلامي: التكليف الشرعي الصادر من الله والذي يخاطب عقل الانسان بأفعل ولا تفعل انما هو تحميل الانسان للمسؤولية امام اوامر الله ونواهيه باعتباره حرا والا كان التكليف سفها وباطلا، اذ لا يصح عقلا ان تقول لمن ليس حرا افعل ولا تفعل.والله سبحانه وتعالى يقول((لايكلف الله نفسا الا وسعها.))
الالماني ايمانويل كانط: الواجب الاخلاقي يتضمن الحرية وذلك في قوله((اذا كان يجب عليك فأنت تستطيع)) والواجب الخلقي ألزام داخلي مصدره الظمير الخلقي الذي يعاقب على الفعل السيء بالأسف والندم والحسرة، كما انه يثيب على الفعل الحسن بالرضى والقبول.
مالرانش: حيث يرى ان المسؤولية مرتبطة اشد الارتباط بالقانون الاخلاقي نفسه وهو على حد تعبيره الذي لا يجوز انتهاكه ونقضه لا من طرف العقول ولا من طرف الاله نفسه، وفي هذا المعنى يقول((ان الذي يريد من الله ان لا يعاقب الجوراو ادمان الخمر لا يحب الله.))
استنتاج: ما يؤكد وجود الحرية المسؤولية وما يؤكد وجود المسؤولية هو العقوبة المرتبطة بالقانون الاخلاقي.

مناقشة منطوق الطرح الثاني
ان المسؤولية البشرية لايمكن ان تكون كاملة، لان حرية الانسان نسبية فقد يرتكب اخطاءا في حق الغير من غير قصد منه.
كما ان دعاة المسؤولية جعلوا من القصاص مرتبط بغايات اخلاقية فقط، فمعاقبة المجرم يحقق في نظرهم شعوره بالذنب والندم عليه وفي ذلك تطهير وتأديب له وجعله عبرة لغيره، لكنها تجاهلت الاساس الاجتماعي الذي يجب ان تبنى عليه العقوبة والمتمثل في حماية المجتمع ووقايته من الخطر، والنظر في اسباب الجريمة وما يجب اتخاذه من اجراءات الدفاع الاجتماعي أما بمعاقبة المجرم او اصلاحه او معالجته حيث اخذ الدور التربوي يحتل الصدارة في العقوبات.
استنتاج: ليس من السهل تقرير مدى مسؤولية الانسان امام نتائج افعاله، لان ذلك مرتبط باقامة الدليل على مدى حرية الانسان ومدى قدرته على التمييز بين الخير والشر وما عقده من نية قبل اقدامه على الفعل.

التركيـب:
يعرف الانسان بخاصية المسؤولية اكثر منه بخاصية الحرية، فالمسؤولية تنصب على الانسان اولا بدون التساؤل عن شروطها، فعندما يكلفك استاذك القيام بواجب مدرسي لا يسألك هل انت حر أم لا، انه يفترض وجودها مسبقا، كما تظهرالمسؤولية عند اعتذارنا عن اخطاء ارتكبناها في حق الغير من دون ان نقصد الى فعل ذلك.
كما ان ما يهم القاضي بالدرجة الاولى هو معرفة من قام بالفعل وما الذي ترتب عن الفعل من نتائج اكثر من اهتمامه بدوافع الفعل، رغم اخذ القاضي بها بعين الاعتبار كظروف مخففة.
وما يؤكد مسؤولية الانسان ان الله جعله خليفته في الارض ومنحه عقلا يميز به بين الخير والشر وارادة يوجهها كيفما يريد وذلك جلي في قوله تعالى في سورة الاحزاب72((أنا عرضنا الامانة على السماوات والارض والجبال فأبين ان يحملنها وأشفقنا منها وحملها الانسان، انه كان ظلوما جهولا.)).

الخاتمة((حل المشكلة)): ان موضوع المسؤولية والحرية يرتبط اشد الارتباط بجوهر الانسان، فكما اننا نقول في مجال الفلسفة ان الانسان حيوان عاقل مهما كانت حدوده الزمكانية، ومهما كانت ظروفه وسنه وجنسه، نقول ايضا انه كائن مسؤول بقطع النظر عن وضعه واحواله وسنه وجنسه.

مقالة فلسفية: هل المجرم المسؤول الوحيد عن جرائمه ؟

(الطريقة: جدلية)

طرح المشكلة:إن الحديث عن المسؤولية يقودنا إلى الحديث عن فكرة الجزاء فإذا كانت المسؤولية هي تحمل الفرد لنتائج أفعاله فالجزاء هو النتيجة المترتبة عن تحمل المسؤولية إذ لا يمكن أن تستقيم الحياة الاجتماعية إلا بتحديد المسؤوليات ولا فائدة من تحديد المسؤوليات دون تطبيق الجزاء لكن المشكلة التي تواجه عملية تطبيق الجزاء هي مشروعيته بمعنى هل كل إنسان يقوم بفعل يكون وحده المسؤول عنه ؟ أو بمعنى آخر إذا صدر عن الإنسان فعل شر فهل نعتبره مجرما ونحمله وحده نتائج الفعل , أم أن هناك أطرافا أخرى يجب أن تتحمل معه نتائج فعله ؟
محاولة حل المشكلة :
المجرم مسؤول وحده عن جرائمه :
إن الجزاء في نظر فلاسفة الأخلاق هو الثواب والعقاب والجزاء في الأصل هو الفعل المؤيد بقانون كالعقاب الذي يفرض على من ارتكب الجريمة فإذا تعمد شخص إلحاق ضرر بآخر فليس من المعقول ألا نعاقبه بل نجد المبرر الكافي الذي يدعونا لعقابه فالعقاب هنا مشروع وعادل كون الإنسان حر وعاقل وهذا نجده عند أصحاب النزعة العقلية ومنهم ” أفلاطون ” قديما حيث قال : ” إن الله بريء والبشر هم المسؤولون عن اختيارهم الحر ” وقال كانطحديثا :”إن الشرير يختار فعله بإرادته بعيدا عن تأثير الأسباب و البواعث فهو بحريته مسؤول ” ونجد هذا الموقف في الفكر الفلسفي الإسلامي عند المعتزلة الذين يقولون : ” إن الإنسان يخلق أفعاله بحرية لأنه بعقله يميز بين الخير والشر فهو مخير لا مجبر فهو مكلف مسؤول ” والغرض من العقاب في نظر هذا الاتجاه هو مجازاة المجرم بحسب جريمته .
مناقشة : ولكن مهما كانت حرية الإنسان وقدرته العقلية فإنه لا يمكن إهمال طبعه وظروفه فالإنسان خاضع لحتميات تجعل اختياره محدودا .
المجرم لا يعتبر وحده المسؤول عن الجريمة :
إن الدراسة الحديثة في مجال علم النفس وعلم الاجتماع أثرت كثيرا على المشرعين وغيرت نظرتهم إلى العقوبة والغاية منها وإلى المجرم و أساليب التعامل معه مما أدى بالمجتمع إلى الانتقال من التفكير في عقاب المجرم إلى التفكير في علاجه وإعادة إدماجه وتكييفه مع الجماعة وهو ما نجده عند أصحاب النزعة الوضعية ومنهم ” لومبروزو” أحد ممثلي المدرسة الإيطالية في علم الإجرام (1835-1909) الذي يرى أن المجرم يولد مزودا باستعداد طبيعي للإجرام وكذا ” فيري ” 1856-1922 عالم إيطالي في الإجرام يرى أن المجرم لا يوجد مجرما ولكن تصنعه ظروف بيئته الاجتماعية الفاسدة فالجريمة نتيجة حتمية لمجموعة من المؤثرات لابد عند توافرها من وقوع الفعل الإجرامي كالبطالة والسرقة . كما نجد هذا الموقف في الفكر الفلسفي الإسلامي عند الجبرية حيث يرون ” إن الإنسان ليس علة أفعاله فهو مجبر على فعل الفعل بعلة ما فلا اختيار لإرادة الإنسان أمام إرادة الله المطلقة ” وهؤلاء عموما يركزون على الجزاء الإصلاحي .
مناقشة : لكن الأخذ بهذا الموقف يلغي المسؤولية والجزاء لأن التسامح مع المجرم يزيد في عدد الإجرام وهذا يجعلنا نتساءل على من تقع التبعة وهل نهمل الضحية ؟
المجرم مسؤول عن جرائمه مع مراعاة مختلف ظروفه ودوافعه للإجرام :
في كل من هذين الاتجاهين نجد بعض النقائص فالاتجاه العقلي يهتم بالجريمة ويهمل المجرم وكأن العقوبة غاية في ذاتها . كما أن الاتجاه الوضعي يهتم بالمجرم ويهمل فضاعة الجريمة وكأن المجرم لا ذنب له .
إن العقاب الانتقامي يجعل من المجرم عدوا لدودا لمجتمعه كما أن الجزاء الإصلاحي قد يشجع المجرم على الإجرام وعليه فالمجرم يجب أن ينال العقاب لأنه مسؤول عن جرمه لكن درجة العقوبة تتحدد تبعا للظروف والدوافع التي دفعته للإجرام .
حل المشكلة:بناء على ما سبق نستنتج أن القول بالعقاب أول القول بالإصلاح فيه اعتراف ضمني بمدى مسؤولية المجرم عن جريمته غير أن تحديد مستوى المسؤولية ودرجة العقوبة يكون حسب شدة الاختيار وفضاعة الجريمة .
وعليه فإن وصمة الإجرام تبقى عالقة بالمجرم مهما كانت الدوافع وقد جاء في القرآن الكريم (ولكم في القصاص حياة(

مقالة فلسفية: معرفة الذات تتأسس على التواصل مع الغير

(الطريقة: استقصاء بالوضع)
أثبت الأطروحة التالية: معرفة الذات تتأسس على التواصل مع الغير
طرح المشكلة:إذا كان الإنسان بطبعه كائن اجتماعي كما يقول ابن خلدون، يتأثر ويتفاعل مع بني جنسه،فلا يستطيع أن يعيش منعزلا عن الناس فإن هذا يستلزم أن الآخر أو الغير وجوده ضروري حتى يتمكن الإنسان من إدراك ذاته وقيمة وجوده ،فالشعور بالأنا أو الوعي غير كاف لمعرفة الذات وعليه نطرح السؤال التالي: كيف يمكن لنا إثبات أن معرفة الذات تتأسس على التواصل مع الغير؟
محاولة حل المشكلة:
1/ عرض منطق الأطروحة:يرى بعض الفلاسفة أن إدراك الذات لا يكون إلا من خلال التواصل مع الأنا الآخر باعتبار الإنسان كائن اجتماعي مضطر إلى التواصل مع الغير،بل انه يتأثر بالناس ويؤثرون فيه ويتفاعل معهم ، فالوعي أو الشعور بالأنا غير كاف لمعرفة حقيقة الذات ،وهذا التفاعل الذي يحصل بين الفرد والغير يحبطه أو يشجعه ويشكل دوافعه فيصدر الغير عليه الأحكام ويدفع هذا الفرد إلى التفكير بعمق في نفسه وهذا ما ذهب إليه الفيلسوف ماكس شيلرالذي يرى أن الإنسان يعيش في جماعة أكثر مما يعي في فرده ذاته ،فالطفل يكون في بداية حياته في حالة اللا قسمة« اللاتمييز »ومع نموه داخل مجتمعه فإنه يدرك هويته الذاتية فالمجتمع هو الذي يكون الوعي الفردي ،وهذا ما يؤكده الفيلسوف الفرنسي إميل دوركايم الذي يقول : «إذا تكلم الضمير فينا فان المجتمع هو الذي يتكلم »،ويرى أن التعاطف والحب هما الطريق المعبر عن التواصل الحقيقي بالغير، لأن المشاركة العاطفية هي عمل قصدي نزوعي يتجه نحو الغير مثل العاطفة التي تربط الأم بالأب عند وفاة ابنهما،ومثل مشاركة الغير أفراحه وأتراحه،ومختلف مظاهر الحب وهكذا يتجسد الإحساس المشترك بين الذات والآخر ،و يذهب الفيلسوف الفرنسي ذو النزعة الوجودية جون بول سارتر أن وجود الآخر شرط ضروري لتكوين الأنا حيث يقولك وجود الآخر شرط لوجودي، و شرط لمعرفتي لنفسي وعلى ذلك يصبح اكتشافي لدواخل اكتشافا للآخر ،وهذا الآخر ليس مجرد موضوع بل أدركه وأعيه كإنسان موجود مثلي في هذا العالم ،والتواصل يتحقق عن طريق الوعي بالمماثلة,
2/ تدعيم الأطروحة بحجج شخصية: وهذا ما يثبته الواقع فالذات الإنسانية ليست منطوية على نفسها بل تتجه نحو الغير،لأن الشعور يتجه دوما نحو خارج ذاته بحثا عن التغير الذاتي،فأي شخص لا وجود لهولا قيمة لوجوده إلا في ظل علاقته مع الغير أين تتحول معرفته لذاته إلى معرفة موضوعية عن طريق التواصل حيث يقول المفكر العربي المعاصر لحبابي: «أن معرفة الذات تكمن في أن يرضى الشخص بذاته كما هو ضمن هذه العلاقة: الأنا كجزء من النحن في العالم»،وإذا كان الشعور هوا لذي يحدد معرفة الذات ،فلماذا لانعي جميع أحوالنا النفسية كزلات القلم والنسيان وفلتات اللسان ،ولماذا يلجأ الناس إلى المحللين النفسانيين؟ وهذا دليل عل أن الإنسان يجهل حقيقة ذاته ويحتاج بالضرورة إلى الآخر في وجوده,,,,,,. توسع
3/نقد خصوم الأطروحة بعد عرض منطقهم: حيث ذهب بعض الفلاسفة أن الوعي هو الذي يحدد معرفة الذات فالإنسان متميز عن الحيوان كونه كائن وواع لأفعاله وما يدور في ذاته من أفكار وعواطف،ويعرف جميع أحواله الشعورية معرفة مباشرة حدسية،وعن طريق الوعي أو الشعور يدرك أنه موجود حيث يقول الفيلسوف الفرنسي روني ديكارت أن الشعور هو وعي الذات بذاتها وجميع أحوالها ،وهذا ما عبر عنه في الكوجيتو الديكارتي: « أنا أفكر إذن أنا موجود»،فماهية النفس التفكير،وهو دليل وجودها في هذا العالم،وأنها متميزة عن الآخرين،وهذا ما ذهب إليه الفيلسوف الفرنسي مين دوبيران الذي يرى أن الشعور بالذات سابق عن الشعور بالموضوع حيث يقول : «قبل أي شعور ، لابد من أن الذات وجود بدليل أن الشعور أو الأنا تميز بين الذات الشاعرة والموضوع المشعوربه»،لكن الشعور بالأنا غير كاف بل إن الإنسان يحتاج إلى التواصل مع غيره من اجل تكوين معرفة أكثر عمقا حيث يرى الفيلسوف سبينوزا هو وهم ومغالطة فاعتقاد الناس بحرية تصرفاتهم ظن خاطئ لجهلهم بالأسباب المتحكمة في شعورهم،وهذا ما يؤكد صعوبة التمكن من معرفة ذواتنا على حقيقتها .
حل المشكلة: إن وعيي بذاتي يتوقف على معرفة الغير والتواصل معه ،لأنها قاصرة عن معرفة حقيقتها ،فإنها تحتاج إلى الغير حتى تدرك حقيقتها أكثر ونقائصها ومدى قيمتها في هذا الوجود……….. توسع

مقالة فلسفية: هل الشعور بالأنا يتوقف على الغير ؟

(الطريقة: جدلية)

01 مقدمة: طرح المشكلة
من المشاكل النفسية التي ظلت تؤرقالإنسان هي محاولة التعرف على الذات في مختلف الصفات التي تخصها ؛ بحيث اتجه محورالاهتمام إلى تشكيل بنية الأنا عبر الغير الذي بإمكانه مساعدته إلا أن ذلك لم يكنفي حال من الاتفاق بين الفلاسفة الذين انقسموا إلى نزعتين الأولى تعتقد أن مشاركةالأخر أي الغير أضحت أمرا ضروريا والنزعة الثانية تؤكد على وجوب أن يتشكل الأنابمفرده عبر الشعور وأمام هذا الاختلاف في الطرح نقف عند المشكلة التالية : هلالشعور بالأنا يتوقف على الغير ؟ وبعبارة أوضح وأحسن هل الشعور بالأنا مرتبط بالأخرأم انه لا يتعدى الشخص؟

02 التحليل ومحاولةحل المشكلة

أ -الأطروحة:الشعوربالأنا مرتبط بالغير يرى أنصار الأطروحة أن الشعور بالأنا يرتبط بالغير فلا وجودلفردية متميزة بل هناك شعور جماعي موحد ويقتضي ذلك وجود الأخر والوعي به.
البرهنة:يقدم أنصار الأطروحة مجموعة منالبراهين تقوية لموقفهم الداعي إلى القول بان الشعور بالأنا يكون بالغير هو انه لامجال للحديث عن الأنا خارج الأخر
الذي يقبل الأناعبر التناقض والمغايرة ومن هنا يتكون شعور أساسه الأخر عبر ما يسميه ديكارت بالعقلالذي بواسطته نستطيع التأليف بين دوافع الذات وطريقة تحديد كيفيات الأشياء والأشخاصوفي هذا السياق يعتقد الفيلسوف الألماني “هيغل ” أن وجود الغير ضروري لوجود الوعيبالذات فعندما أناقض غيري أتعرف على أناي وهذا عن طريق الاتصال به وهنا يحصل وعيالذات وذات الغير في إطار من المخاطرة والصراع ومن هنا تتضح الصورة وهي أن الشعوربالأنا يقوم مقابله شعور بالغير كما انه لابد للانا أن يعي الأخر إلا أن الأخر ليسخصما ولا يتحول إلى شيء لابد من تدميره كما يعتقد البعض بل إلى مجال ضروري الاهتداءإليه لبناء ذات قوية فقد تختلف الذوات وتتنوع رؤى فكرية كثيرة ولكن لا يفسد ذلك وداجماعيا وحتى وان استنطق الإنسان في نفسه غرائز الموت والتدمير الطبيعية فان مفهومالصراع يناسب مملكة الحيوانات ومنطق قانون الغاب وهذا الأمر لا ينطبق على من خلقوامن اجل التعارف وليس بعيدا عن الصواب القول بان وعي الذات لا يصبح قابلا للمعرفةإلا بفعل وجود الأخر والتواصل معه في جو من التنافس والبروز ومن هنا يمكن التواصلمع الغير ولقد كتب المفكر المغربي محمد عزيز لحبابي ” إن معرفة الذات تكمن في أنيرضى الشخص بذاته كما هو ضمن هذه العلاقة : “الأنا جزء من النحن في العالم“
وبالتالي فالمغايرة تولد التقارب والتفاهم ويقولتعالى : ” ولولا دفاع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل علىالعالمين.
وهكذا فالشعور بالأخر تسمح لنا بالمتوقعداخل شخصية الأخر والاتصال الحقيقي بالأخر كما يرى ماكس شيلر يتمثل في التعاطف ومنهلا غنى للانا عن الغير.
نقد الأطروحة:يمكن الرد على هذه الأطروحة بالانتقادات التالية
إنالشعور بالأنا يتأسس على الغير لكن الواقع يؤكد بأنه قد يكون عائقا وليس محفزالتكون ذات قوية فكل” أنا” يعيش مجالا خاصا وفي ذلك رغبة فردية وشخصية.

ب – نقيض الأطروحة:”الشعور بالأناشخصي
يرى أنصار الأطروحة أن الأنا يعيش مع ذاتهويحيا مشاريعه بنفسه وبطريقة حرة أي كفرد حر وهذا الامتلاك يكون بمقدوره التعامل معالواقع بشكل منسجم.
البرهنة:يقدم أنصارهذا النقيض جملة من البراهين في تأكيدهم على الشعور بالأنا على انه شخصي ولا مجاللتدخل الغير الذي يعتبره أنصار النقيض بأنه عقبة لا بد من تجاوزها ؛
ومن هذا المنطلق يؤكد الفيلسوف الفرنسي ماي دوبيرانعلى أن الشعور بالواقع ذاتي وكتب يقول : ” قبل أي شعور بالشيء فلابد من أن الذاتوجود ” ومن مقولة الفيلسوف يتبين أن الوعي والشك والتأمل عوامل أساسية في التعاملمع الذات ووعيها ولقد كان سارتر اصدق تعبيرا عندما قال ” الشعور هو دائما شعور بشيء
ولا يمكنه إلا أن يكون واعيا لذاته ” ومن هنا يتقدمالشعور كأساس للتعرف على الذات كقلعة داخلية حيث يعيش الأنا داخل عالم شبيه بخشبةالمسرح وتعي الذات ذاتها
عن طري ما يعرف بالاستبطانفالشعور مؤسس للانا والذات الواعية بدورها تعرف أنها موجودة عن طريق الحدس ويسمحلها ذلك بتمثيل ذاتها عقليا ويكون الحذر من وقوف الآخرين وراء الأخطاء التي نقعفيها ولقد تساءل” أفلاطون“
قديما حول هذه الحقيقة فيأسطورة الكهف المعروفة أن ما يقدمه لنا وعينا ما هو إلا ظلال وخلفها نختبئ حقيقتناكموجودات ” كما يحذر سبينوزا من الوهم الذي يغالط الشعور الذي لابد أن يكون واضحاخاصة على مستوى سلطان الرغبات والشهوات ومن هنا فقد الجحيم هم الآخرون على حد تعبيرأنصار النقيض فيريد الأنا فرض وجوده وإثباته
ويدعو فرويد إلى التحرر الشخصي من إكراهات المجتمع للتعرف على قدرة الأنا في إتباع رغباتهرغم أنها لا شعورية وهكذا فألانا لا يكون أنا إلا إذا كان حاضرا إزاء ذاته أي ذاتعارفة.
نقد نقيض الأطروحة:إن هذا النقيضينطلق من تصور يؤكد دور الأنا في تأسيس ذاته ولكن من زاوية أخرى نلاحظه قاصرا فيإدراكها والتعرف عليها فليس في مقدور الأنا التحكم في ذاته وتسييرها في جميعالأحوال ففي ذلك قصور.

التركيب:من خلاللعرض الأطروحتين يتبين أن الأنا تكوين من الأخر كما انه شخصي هذا التأليف يؤكد عليهالفيلسوف الفرنسي غابريال مارسيل عن طريق التواصل أي رسم دائرة الانفراد دون العزلةعن الغير أي تشكيل للانا جماعي وفردي أي تنظيم ثنائي يكون ذات شاعرة ومفكرة في نفسالوقت.

03 خاتمة وحل المشكلة
يمكن القول في الختام أن الشعور بالأنا يكونجماعيا عبر الأخر كما انه يرتبط بالأنا انفراديا ومهما يكن فالتواصل الحقيقي بينالأنا والأخر يكون عن طريق الإعجاب بالذات والعمل على تقويتها بإنتاج مشترك معالغير الذي يمنحها التحفيز والتواصل الأصيل وتجاوز المآسي والكوارث . داخل مجال منالاحترام والتقدير والمحبة.

مقال جدلي: انطباق الفكر مع نفسه و انطباق الفكر مع الواقع

(الطريقة: جدلية)

مقالة فلسفية حول انطباق الفكر مع نفسه ومع الواقع
هل انطباق الفكر مع نفسه كاف لضمان توافق جميع العقول ؟
الطريقة جدلية :

مقدمة : ( طرح المشكلة )
هدف الإنسان هو البحث عن الحقيقة حقيقة ما يحيط به وحقيقته. وليس من السهل الوصول إلى هذه الحقيقة وقد لا يصل إليها لهذا وضع أرسطو مجموعة من القواعد و قسمها إلى الاستقراء و المنطق الصوري .إذ يعرف المنطق الصوري بأنه مجموعة القوانين التي تعصم الفكر من الوقوع في الخطأ أثناء بحثه عن الحقيقة أما الاستقراء فيعرف بأنه المنهج الاستدلالي الذي يعتمد على التجربة كمقياس لصحة القضايا.ومن ذلك اعتبر أرسطو أن انطباق الفكر مع نفسه في المنطق الصوري هو الذي يضمن لنا اتفاق العقول حول الحقيقة التي يصل إليها بينما ترى المدرسة التجريبية الحديثة أن انطباق الفكر مع الواقع في الاستقراء هو الذي يؤدي إلى الحقيقة التي تتفق حولها العقول .فهل تتفق العقول حول الحقيقة العلمية التي يقدّمها لنا العقل في المنطق الصوري ؟ أم أن الاستقراء وحده يضمن لنا الوصول إلى الحقيقة التي تتفق حولها العقول ؟

العرض : ( محاولة حل المشكلة )
عرض الأطروحة (انطباق الفكر مع نفسه هو ضمان لاتفاق العقول): اعتمد أرسطو في المنطق الصوري على أن العقل يحتوي على مبادئ تسمى مبادئ العقل تساعده على التحليل و التركيب و الاستنتاج و أهمها مبدأ الهوية ومبدأ عدم التناقض بما أن العقل مشترك بين جميع البشر فإن ما يصل إليه من معارف يعتبر محل اتفاق الجميع.

ضبط الحجة
وضع أرسطو لمنطقه أسسا معينة اعتمادا على العقل الساكن الذي يعتبره عقل فطري مشترك بين البشر متكون من مبادئ فطرية هي مبدأ الهوية الذي ينقسم بدوره إلى مبدأ عدم التناقض و الثالث المرفوع و اعتبر هذه المبدأ كافية لكي تتفق العقول حول صحة المعرفة أو خطئها فإذا حصلت معرفة متناقضة في نفس الوقت و من نفس الجهة كأن نقول (احمد موجود في القسم و في الساحة في نفس الوقت و نفس الجهة) فجميع ألعقولنا تتفق على أن هذه المعرفة خاطئة لان العقل لا يقبلها لاحتوائها على نقيضين . ا ماذا احتوت مبدأ عدم الهوية كانت صحيحة و اتفقت عقولنا على صحتها. ولهذا انطباق الفكر مع نفسه هو الطريقة الوحيدة للوصول إلى المعرفة الصحيحة أين تتفق العقول.
غير ان اتفاق الفكر مع نفسه و اعتماده على العقل الساكن يمنحا معرفة ساكنة في حين أن معارفنا تتوجه للعالم الخارجي الذي يتصف بالحركة الدائمة كما أننا نستنبط حقائقه من الواقع و مبادئ العقل عاجزة على استنباطها لهذا نحتاج إلى منهج آخر.

عرض نقيض الأطروحة (انطباق الفكر مع الواقع هو الذي يضمن اتفاق العقول)
رغم أن أرسطو هو الذي وضع الاستقراء إلا انه اعتبره مصدر ضني للمعرفة إي أن نتائجه مشكوك في صحتها وقد ارجع له قيمته فرنسيس بيكون وأيده جون ستوارت مل في القرن 18.
وجه جون ستوارت مل انتقادات حادة للمنطق الأرسطي لأنه لا توجد ضبط الحجة : فيه مبادئ فطرية تساعده على المعرفة إنما التجربة هي التي توصلنا إلى الحقيقة الكامنة وراء الظواهر المادية لهذا لا نعتمد على العقل الساكن إنما العقل المتحرك الذي يسميه لالاند بالعقل المكون فيه المعرفة الحسية تحدث بعد التجربة و يكون أدواته بنفسه لأنه يعتمد على البرهنة التجريبية فالعلم الذي لا يخضع للتجربة ليس علما صحيحا.
يرى ديكارت أن الاستقراء ساعد العلماء على اختزال ذلك الكم الهائل من الظواهر الطبيعية في مجموعة بسيطة من القوانين الفيزيائية لأنه يعتمد على مبدأ السببية العام و مبدأ الحتمية الذين تخضع لهما الطبيعة مما يجعل المعرفة الاستقرائية صحيحة و محل اتفاق العقول.
نقد الحجة : رغم أن الاستقراء قدم نتائج تكنولوجية متطورة على ما قدّمه القياس الأرسطي إلا انه في النهاية لم يؤدي اتفاق العقول و لم يحقق ما عجز عنه المنطق الصوري حيث جاءت انتقادات العلماء أنفسهم الى الاستقراء مؤكدين عدم مقدرته على توافق العقول.
التركيب
(رغم أن المنطق الصوري يبدو صارما في صورته و رغم أن الاستقراء يبدوا اقرب إلى الحقيقة من اعتماد على الواقع و التجربة لكن العلماء وجدوا أن انطباق الفكر مع نفسه هو الأقرب إلى الصحة من الاستقراء لان الظواهر الطبيعية متغيرة وهي في حركة دائمة وان المادة الحرة ذاتها تتغير وهذا التغير خفي عنا و لا يمكن الوصول إليه بالحواس و لا بالوسائل العلمية بل بالاستنتاج العقل كما هو الحال في قضية الاحتباس الحراري و ثقب الأوزون لهذا كانت فيزياء اينشتاين اقرب إلى الحقيقة من فيزياء نيوتن الواقعية التي تعتمد على الاستقراء التجريبي بينما فيزياء اينشتاين هي استقراء يناء عقلي للحقائق لهذا كانت أكثر صدقا.
خاتمة : ( حل المشكلة )
يقول” كارل بوبر” منتقدا الاستقراء(انه لم يصمد أمام الانتقادات التي وجهها العلماء والمنهج الذي لا يصمد أمام الانتقادات هو منهج خاطــئ ) و بهذا اعتبر الابستمولوجي المعاصر أن القاعد ة التي أنهت قيمة الاستقراء التجريبي لصالح المنطق الصوري الذي أصبح بدوره فاقد لقيمته أمام المنطق الرياضي الذي حقق ما عجز عنه المنطق الصوري و الاستقراء حيث فيه تتفق العقول فلا تتفق العقول إلا جزئيا في المنطق الصوري و كثيرا ما تعارضت في الاستقراء أما في الرياضيات تتفق تماما في العقول لهذا نجح اينشتاين فيما عجز عنه نيوتن لما اعتمد على الهندسة الكروية الوهمية لـ ريمان.

إعداد الأستاذ : بودانة عبد الهادي

مقالة فلسفية: مقارنة بين انطباق الفكر مع نفسه و انطباق الفكر مع الواقع

(الطريقة: مقارنة)
نص الموضوع : قارن بين انطباق الفكر مع نفسه و بين انطباق الفكر مع الواقع ؟
أ – طرح المشكلة :
ظهر المنطق قديما واهتم بتحديد شروط التفكير الصحيح لذلك وجد منطق صوري اهتم بانطباق الفكر مع نفسه و آخر يهتم بانطباق الفكر مع الواقع فيحق لنا التساؤل ما الفرق الموجود بين المجالين ؟
ب – محاولة حل المشكلة :
1 – مواطن الاختلاف :
• انطباق الفكر مع نفسه ، منطق صوري خالص يهتم بالتفكير و وصورانيته بدأ مع الفيلسوف اليوناني أرسطو ، أما انطباق الفكر مع الواقع منطق مادي يهتم بالواقع أي الظواهر الطبيعية حدده طريقته الفيلسوف الانجليزي فرنسيس بيكون .
• انطباق الفكر مع نفسه يتمثل في الاستنباط ( الاستدلال المباشر ) و القياس ( الاستدلال الغير مباشر ) أما انطباق الفكر مع الواقع يمثل الاستدلال الغير مباشر مثل الاستقراء .
• نتائج انطباق الفكر مع نفسه يقينية لأنه يعتمد على اللزوم المنطقي الموجود بين النتائج و المقدمات ، أما نتائج انطباق الفكر مع الواقع احتمالية . لأن صدقهما يعود إلى الظاهرة الواقعية التي تتسم بالتغير .
• انطباق الفكر مع نفسه يعتمد على مبادئ عقلية مثل مبدأ الهوية و ما ينجم عنه كمبدأ عدم التناقض و الثالث المرفوع . أما انطباق الفكر مع الواقع فإنه يعتمد على مبادئ عقلية مثل مبدأ السببية و ما ينجم عنه بمبدأ اطراد الظواهر و مبدأ الحتمية .
2 – مواطن التشابه:
• كل من انطباق الفكر مع نفسه ومع الواقع يبحثان في شروط التفكير الصحيح و المنطقي .
• كلاهما يعتمد على مبادئ عقلية و يحترمها .
3 – طبيعة العلاقة بينهما : ( مواطن التداخل )
انطباق الفكر مع الواقع لا يمكنه أن يستغني علن انطباق الفكر مع نفسه لأن الاستقراء يحتاج إلى القياس أحيانا كما أنه مهما اهتم انطباق الفكر مع الواقع بالمبادئ العقلية مثل السببية فإن هذا لا يعني أنه لا يحترم مبدأ الهوية بل يعتبره مبدأ المبادئ .
حل المشكلة :
نستنتج من كل النقاط التي عرضت في عملية التحليل سابقا أن كل الاختلافات التي توجد بين انطباق الفكر مع نفسه و انطباق الفكر مع الواقع لا يعني وجود انفصال تام و كامل بل العلاقة بينهما متواجدة و متمثلة في تكامل نوعين من المنطق واحد منهما يهتم بالشروط الصورية للفكر و الآخر يهتم بالشروط المادية للفكر .

مقالة فلسفية: هل تقدم العلم سيعود سلبا على الفلسفة ؟

(الطريقة: جدلية)
طرح المشكلة : فهل تقدم العلوم وانفصالها عن الفلسفة سوف يجعل منها مجرد بحث لا طائل وراءه ، أو بمعنى أخر ما الذي يبرر وجود الفلسفة بعد أن استحوذت العلوم الحديثة على مواضيعها .
محاولة حل المشكلة:
الأطروحة : لا جدوى من الفلسفة بعد تطور العلم
الموقف : يذهب بعض الفلاسفة من أنصار النزعة العلمية ( أوجست كونت ، غوبلو)) أنه لم يعد للمعرفة الفلسفية دور في الحياة الإنسانية بعد ظهور وتطور العلم في العصر الحديث .
الحجج :
– لأنها بحث عبثي لا يصل إلى نتائج نهائية ، تتعدد فيه الإجابات المتناقضة ، بل نظرتها الميتافيزيقية تبعدها عن الدقة الموضوعية التي يتصف بها الخطاب العلمي هذا الذي جعل أوجست كنت يعتبرها حالة من الحالات الثلاث التي حان للفكر البشري أن يتخلص منها حتى يترك للمرحلة الوضعية وهي المرحلة العلمية ذاتها . وهذا الذي دفع غوبلو يقول : ” المعرفة التي ليست معرفة علمية معرفة بل جهلا ” .
النقد : لكن طبيعة الفلسفة تختلف عن طبيعة العلم ، فلا يمكن قياس النشاط الفلسفي بمقياس علمي ، كما أن الفلسفة تقدمت بتقدم العلم ، فالإنسان لم يكف عن التفلسف بل تحول من فلسفة إلى فلسفة أخرى .
نقيض الأطروحة : هناك من يبرر وجود الفلسفة رغم تطور العلم
الموقف : يذهب بعض الفلاسفة من أنصار الاتجاه الفلسفي ( ديكارت ، برغسون ، مارتن هيدجر ، كارل ياسبرس ) أن العلم لا يمكنه أن يحل محل الفلسفة فهي ضرورية .
الحجج : لأن الفلسفة تجيب عن تساؤلات لا يجيب عنها العلم . فهاهو كارل ياسبرس ينفي أن تصبح الفلسفة علما لأنه يعتبر العلم يهتم بالدراسات المتخصصة لأجزاء محددة من الوجود مثل المادة الحية والمادة الجامدة … إلخ . بينما الفلسفة تهتم بمسألة الوجود ككل ، وهو نفس الموقف نجده عند هيدجر الذي يرى أن الفلسفة موضوع مترامي الأطراف أما برغسون أن العلوم نسبية نفعية في جوهرها بينما الفلسفة تتعدى هذه الاعتبارات الخارجية للبحث عن المعرفة المطلقة للأشياء ، أي الأشياء في حد ذاتها . وقبل هذا وذاك كان ديكارت قد أكد على هذا الدور للفلسفة بل ربط مقياس تحضر أي أمة من الأمم بقدرة أناسها على تفلسف أحسن .
النقد : لكن الفلسفة باستمرارها في طرح مسائل مجردة لا تيسر حياة الإنسان مثلما يفعل العلم فإنها تفقد قيمتها ومكانتها وضرورتها . فحاجة الإنسان إلى الفلسفة مرتبطة بمدى معالجتها لمشاكله وهمومه اليومية .
التركيب : لكل من الفلسفة والعلم خصوصيات مميزة
لا ينبغي للإنسان أن يثق في قدرة العلم على حل كل مشاكله و الإجابة عن كل الأسئلة التي يطرحها و بالتالي يتخلى عن الفلسفة ، كما لا ينبغي له أن ينظر إلى العلم نظرة عجز وقصور عن فهم وتفسير الوجود الشامل ، بل ينبغي للإنسان أن يتمسك بالفلسفة والعلم معا . لأن كل منهما خصوصيات تميزه عن الأخر من حيث الموضوع والمنهج والهدف وفي هذا الصدد يقول المفكر الفرنسي لوي ألتو سير : ” لكي تولد الفلسفة أو تتجدد نشأتها لا بد لها من وجود العلوم …”
حل المشكلة : وفي الأخير نخلص إلى أن الإنسان يعتمد في تكوين معرفته وتطوير حياته عن طريق الفلسفة والعلم معا فلا يوجد تعارض بينهما فإن كانت الفلسفة تطرح أسئلة فإن العلم يسعى سعيا للإجابة عنها ، ثم تقوم هي بدورها بفحص إجابات العلم و نقدها و. وهذا يدفع العلم إلى المزيد من البحث والرقي وهذا الذي دفع هيجل إلى قولته الشهيرة ” إن العلوم كانت الأرضية التي قامت عليها الفلسفة ، وتجددت عبر العصور .”

مقالة فلسفية: هل لكل سؤال جواب بالضرورة ؟

(الطريقة: جدلية)
هل لكل سؤال جواب؟
مقدمة:يعتر التفكير الجوهر الذي يمتاز به الإنسان كونه يملك عقلا يستطيع طرح تساؤلات حول هذا العالم بهدف معرفة حقائقه وأسراره ، حيث ضبط السؤال بأنه طلب الجواب وامتلاكه، غير أن هذا الطرح أحدث جدلا بين الفلاسفة الذين انقسموا إلى رأيين، فالرأي الأول يؤكد على أنه بإمكاننا الحصول على الجواب الذي يتبع كل سؤال، أما الرأي الثاني فيدحض هذا الرأي مؤكدا على أنه لايمكننا الحصول على جميع الاجابات المطلوبه من طرف الأسئلة، ولتهذيب هذين الرأيين سنثير التساؤل التالي: هل كل ما نتساءل عنه يمكن الاجابة عليه؟ وبعبارة أخرى : هل يفترض كل سؤال الاجابة عنه بالضرورة أم لا؟
الموقف الأول: يرى أنصار الموقف الأول أن كل سؤال يمكن الاجابة عنه بالضرورة ويمثل هذا الموقف كل من لودفيغ فيدجنشتين، جيل دولوز وقد اعتمدا على مجموعة من الحجج لتبرير موقفهم أهمها:
ما دام أن الأسئلة أنواع وأصناف فإن طبيعتها تحدد لنا نوع الاجابة ذلك أن الأسئلة المبتذلة التي تواجهنا في حياتنا اليومية لا تثير فينا قلقا ولا إحراجا وبالتالي يمكننا الاجابة عنها لأنها تتحكم فيها العادة والمألوف، كذلك الأسئلة المكتسبة أو العلمية يمكن الاجابة عنها عن طريق التعلم والاكتساب مثل: ما موضوع الفيزياء؟ ، مما يتركب الماء حيث يؤكد جيل دولوز على هذه الحجة بقوله:”…ويكون للمشكل الحل الذي يستحق حسب الحقيقة والخطإ اللذين يخصانة، أي بحسب معناه.” كذلك لو كان الإنسان لايستطيع الاجابة عن تساؤلاته لما أتعب الفلاسفة والعلماء أنفسهم بالبحث عن حلول للمشكلات التي تواجه الانسانية ولما تمكن الإنسان من التقدم الحضاري وبالتالي إذا كان السؤال سليما من الناحية اللغوية والمنطقية أمكن الاجابة عنه لهذا يقول فيدجنشتين:”…إن اللغز غير موجود فإذا طرح السؤال بشكل سليم فإنه يمكن ـن يجد له جواب بشكل سليم”.
نقد: لقد بالغ انصار هذا الموقف فيما ذهبوا إليه من أن كل سؤال يفترض جوابا بالضرورة ، غير ان بعض التساؤلات التي واجهت الإنسان بقيت دون إجابة لمدى تعقيدها مثل التساؤلات الانفعالية الفلسفية.
الموقف الثاني: يرى انصار الموقف الثاني أنه لا يمكن الاجابة عن جميع الأسئلة ويمثل هذا الموقف كل من كارل ياسبرس، آلان جورانفيل ، وقد اعتمدا على مجموعة من الحجج لتبرير موقفهم أهمها:
أن الأسئلة الانفعالية ليست أسئلة ساذجة أو بسيطة ، على إعتبار أن السؤال الذي يتحول إلى مشكلة أو إشكالية لا يمكن الاجابة عنه بإجابة محددة لأنه يتعلق بحياة الإنسان ومصيره، كما أن ملكة الإنسان الشكية تجعله لا يقتنع بإجابة واحدة مثل: ما هي التربية؟ هل الإنسان حر أم مقيد؟ لهذا يقول آلان جورانفيل :”…إن السؤال يفترض مسبقا شكا في الجواب باعتباره معرفة…إن السؤال الفلسفي هو تساؤل وليس مجرد سؤال”. كذلك فالأسئلة التي تثير فينا الدهشة والإحراج هي تساؤلات فلسفية كبرى تعالج قضايا إنسانية وبالتالي تفرض على الفيلسوف تقديم اقتراحات فقط كحل لأزمة فلسفية إنسانية، كما ان الفلسفة باعتبارها منهجية البحث عن الحقيقة فهي تدفع البحث عن الحقيقة وليس امتلاك إجابات عنها لأن الإنسان يحتاج دوما إلى التجديد حيث يعبر كارل ياسبرس عن هذا الرأي بقوله:”…إن الأسئلة في الفلسفة أهم من الأجوبة”.
نقد: لقد بالغ انصار هذا الموقف فيما ذهبوا إليه من أنه ليس لكل سؤال جوابا بالضرورة ، غير ان بعض التساؤلات التي واجهت الإنسان يمكن الاجابة عنها ، ذلك أن الفلاسفة أجابوا عن المشكلات التي طرحت في عصرهم وبالتالي فلكل عصر مشكلاته الخاصة به وحلوله كما أن الاجابات عن المواضيع الفلسفية تبقى محل تأييد ورفض لأنها تحتاج إلى حجج لتبريرها.
الموقف الثالث: يرى أنصار الموقف التركيبي أن الأسئلة تحتاج إلى إجابات حتى وإن كانت مستعصية الحل وبالتالي تبقى التساؤلات الفلسفية دون إجابات لأنها تعالج قضايا إنسانية كبرى أما التساؤلات العلمية والرياضية والاقتصادية واليومية يمكن الاجابة عنها .
الرأي الشخصي: إني أرى بدوري أن السؤال يفترض جوابا بالضرورة ولا يمكن تصور تساؤل دون إجابات ذلك أن الفيلسوف لو لم يشأ البحث عن الحقائق وامتلاك إجابات عن العالم الخارجي لما تساءل لأن الفلسفة تبحث عن الحقيقة من خلال التساؤلات ولها هدف وغاية ومنهج يوصلنا إلى كل ذلك وهذا ما استدل به جيل دولوز مؤكدا موقف كارل ماركس بقوله:”…إن الإنسانية لا تطرح من المشكلات إلا ما هي قادرة على حله “.
خاتمة: نستنتج من خلال التحليل السابق أن السؤال في حقيقته يفترض إجابات غير أن ممارسته في أرض الواقع بهدف معالجة القضايا المتعلقة بالإنسان تجعله نسبيا من حيث إمكانية حله من عدمها ، وبالتالي يمكن التمييز بين الأسئلة العادية والعلمية التي يمكن الاجابة عنها وبين الأسئلة الفلسفية الكبرى التي تحتاج إلى حجج وبراهين من أجل عرضها.

مقالة فلسفية: المقارنة بين المشكلة و الإشكالية

(الطريقة:`مقارنة)

النموذج الأول

السؤال : قارن بين المشكلة والإشكالية ؟
طرح المشكلة: الحذر من المظاهر
إن الإنسان يواجه تجاه وجوده غموض وجهل نهائي أمام الصعبات وعوائق جمة ، ليس الإنسان بمعناه العام ، بل الإنسان بمعناه الخاص لدى الفلاسفة والعلماء والمفكرين الذين يعانون بعقولهم وبكل كيانهم هذا الوجود ، فهناك من الأمور تعتبر مشكلات وهناك أمور تعتبر إشكاليات وسؤال الذي يطرح نفسه: ما علاقة المشكلة بالإشكالية ؟ أو بعبارة أخرى ، ما الفرق الموجود بين المشكلة والإشكالية ؟

محاولة الحـــــل:

1-بيان أوجه الاتفاق:
كلاهما يبحثان عن الحقيقة.
كلاهما نابعان من القلق والإثارة تجاه ظاهرة ما.
كلاهما يطرح بطريقة استفهامية.
كلاهما ناتجان من الإرادة والحافز تجاه عوائق ما. كلاهما آليتان غامضتان ومبهمتان.
2-بيان أوجه الإختلاف:
إن المشكلة عبارة عن تساؤل مؤقت يستدرك جوابا مقنعا ، أما الإشكالية فهي عبارة عن طرح تساؤل دائم يعاني القضايا الصعبة في هذا الوجود والإجابة تكون غير مقنعة.
إن المشكلة قضية جزئية في هذا الوجود ، أما الإشكالية فهي قضية كلية عامة.
إن المشكلة تمثل غيض الوجود من الإشكالية التي تعتبر فيض الوجود.
إن المشكلة هي عبارة عن فرع من أصل الأم وهي الإشكالية.
إن المشكلة اضطراب لدى الإنسان من زاوية الدهشة ، أما الإشكالية فهي اضطراب لدى الإنسان من زاوية الإحراج.إن المشكلة مجالها ضيق مغلق ، أما الإشكالية فهي واسعة مفتوح على هذا الوجود.
3-طبيعة العلاقة بينهما:
إن المشكلة هي جزء من الإشكالية التي تعتبر الكل ، وكما مثل بعض المفكرين الإشكالية بأنها عبارة عن مظلة تتسع لكل المشكلات كمشكلة الأخلاق والمنطق والميتافيزيقا والطبيعة ، إذا هنالك تداخل وطيد الصلة بينهما.

حل المشكلة: “نسبة الترابط”
إن العلقة بين المشكلة والإشكالية كعلاقة الإنسان بالحياة ، فهما تعمق الإنسان فهي فهم هذا الوجود ، فإنه يجد نفسه في لا متناهي من الغموض تجاه الظواهر المطروحة في هذا الوجود.

النموذج الثاني

قارن بين المشكلة و الاشكالية ؟
مقدمة : تعتبر الفلسفة نمط متميز من التفكير وهي تعتني بالسؤال اكثر من اعتنائها بالجواب بل ان كل جواب في النهاية يتحول الى سؤال واذا كان السؤال هو استكشاف المجهول فهو يطرح احيانا قضية معقدة تعرف بالاشكالية و احيانا يطرح قضية اقل تعقيدا تسمى المشكلة . فاذا كان بين المشكلة و الاشكالية اختلاف ظاهري فهل هذا يعني عدم وجود نقاط تشابه و قواسم مشتركة ؟ وبالتالي فما طبيعة العلاقة بينهما ؟

أوجه التشابه : اذا تأملنا في طبيعة المشكلة و الاشكالية ادركنا مدى التشابه بين المفهومين من عدة جوانب .
فنلاحظ ان للمفهومين نفس الاشتقاق اللغوي فهما يرجعان الى الفعل ( أشكل ) أي التبس عليه الأمر و أصبح غامضا و فعلا فإن المشكلة و الإشكالية تعبران عن قضية يكتنفها الكثير من الغموض و اللبس .من جهة أخرى يلاحظ أن كل منهما نعبر عنه بسؤال اشكالي استفهامي مثلا : هل الإنسان حر ام مقيد ؟ كما يلاحظ أن المشكلة و الاشكالية كلاهما قضية تثير الذهن و تدفع صاحبها الى التفكير بحثا عن الحل

أوجه الإختلاف : لكن هل القول بوجود نقاط تشابه و قواسم مشتركة يمنع من القول انهما مختلفان ؟
لا شك أن بين المشكلة و الاشكالية -رغم التشابه الموجود بينهما – نقاط تقاطع و تباين كثيرة نذكر بعضا منها على سبيل المثال .
تعبر المشكلة عن قضية أقل تعقيدا مقارنة بالاشكالية التي تعبر عن قضية فلسفية عميقة معقدة و متداخلة .
و اذا كانت المشكلة تعبر عن قضية يمكن حلها بطريقة او بأخرى فان الحل بالنسبة للاشكالية يبدو صعبا ان لم يكن مستحيلا فمثلا أيهما سابق في الوجود البيضة ام الدجاجة ؟.
من جهة اخرى اذا كان للمشكلة حل واحد فان الاشكالية لا تنتهي عند حل او عند جواب واحد .
و لعل ابرز نقطة اختلاف بين المفهومين أن الاشكالية تعبر عن قضية كلية بينما المشكلة تعبر عن قضية جزية مثلا : اشكالية الحرية تتضمن مشكلات جزئية منها مشكلة التحرر مشكلة الحتمية مشكلة
الجبر .
كما أن الاشكالية تمتاز بطابع العالمي العام بينما المشكلة تمتاز بطابعها الخاص مثلا : اشكالية الاحتباس الحراري و مشكلة معالجة النفايات في الجزائر .

طبيعة العلاقة بين المشكلة و الاشكالية : و اذا كان بين المشكلة و الاشكالية من جهة نقاط تشابه و من جهة نقاط اختلاف اذا فما طبيعة العلاقة بينهما ؟
من خلال عرضنا لأوجه التشابه و نقاط التباين و الاختلاف يتبين لنا ان بينهما علاقة تبرز و تتضح اكثر في علاقة الكل بالجزء حيث تمثل الاشكالية قضية كلية تضم تحتها قضايا جزئية هي عبارة عن
مشكلات و هكذا فكل اشكالية هي مجموعة المشكلات التي تتكون منها و منه فالعلاقة هي علاقة التداخل حيث لا يمكن فهم الاشكالية الا من خلال فهمنا لمشكلاتها .

الخاتمة : هكذا ننتهي الى القول اذا كان بين المشكلة و الاشكالية نقاط تشابه وقواسم مشتركة فهذا لا يمنع من احتمال وجود نقاط تباين و اختلاف مما يعني ان العلاقة بينهما هي علاقة في ظاهرها تقابل و تعارض و في باطنها تقارب و تداخل.

النموذج الثالث

المقدمة:
إن السؤال في مجال الفلسفة له معنيين مشكلة وإشكالية ، فالمشكلة هي مسألة فلسفية تتناول موضوعا معينا أو أطروحة من الأطروحات نصل فيها إلى حل مقنع ، والإشكالية قصية فلسفية تحتمل إجابتين متناقضتين وصحيحتين في آن واحد حداهما بالنفي والأخرى بالإثبات ، وان هذه النظرة الأولى توحي بوجود اختلاف بينهما فما طبيعة العلاقة بين المشكلة والإشكالية ؟

التحليــل:
يتفق كل من المشكلة والإشكالية في كونهما سؤال ، كلاهما يبحث عن الحقيقة ، كلاهما خاصية إنسانية أي استعمال العقل ، كلاهما يثير فينا الاضطراب.
إن أوجه التشابه لا تمنع من وجود اختلاف بينهما ،فالمشكلة سؤال مؤقت نصل فيه إلى حل بعد التفكير والبحث كالتساؤل عن الماء أهو جسم بسيط أم مركب أ ّما الإشكالية فهي سؤال دائم نصل فيه إلى إجابتين متناقضتين وصحيحتين في آن واحد مثل التساؤل عمّن الأسبق الدجاجة أم البيضة ؟ ، زد على ذلك المشكلة سؤال جزئي في حين الإشكالية سؤال مركب ومعقد ، كذلك نجد المشكلة تثير فينا الاضطراب من ناحية الدهشة و في مقابل ذلك نجد أن الإشكالية تثير الاضطراب من ناحية الإحراج.
بالرغم من أوجه الاختلاف بين المشكلة والإشكالية ، إلا أنه لا يمكن الفصل بينهما ولا يمنع من وجود علاقة بينهما ، فالعلاقة كالمجموعة بعناصرها ، إذ تمثل المجموعة الإشكالية والعناصر المشكلات ، فالإشكالية سؤال مركب يمكن تجزئته إلى أسئلة ثانوية تسمى المشكلات .
وحسب رأيي الشخصي فاني أرى أن المشكلات ناتجة عن تجزئة الإشكالية .

الخاتمة :
وبهذا نستنتج أن لا يمكن الفصل بين المشكلة والإشكالية فالعلاقة بينهما علاقة احتواء، حيث أن الإشكالية سؤال جوهري يحتضن مجموعة من المشكلات، ولهذا قيل: “الإشكالية بمثابة المضلة المفتوحة التي تنطوي تحتها كل المشكلات”

مقالة فلسفية: المقارنة بين السؤال العلمي والسؤال الفلسفي

(الطريقة:مقارنة)
-ا- المقدمة/ طرحالمشكلة.
مما لا شك فيه أن المعرفة لا تحصل حقيقة إلا بوجود عقل يفكر , و علامة التفكير أنه يتساءل حول ما يشغلـه كإنسان من قضايا كالحرية ، و كذلك حول ما يحيط به من ظواهر الطبيعة . و بذلك نكون أمام نمطين من الأسئلة : السؤال الفلسفي ذو الطبيعة العقلية و السؤال العلمي ذو الطبيعة الحسية . فما الفرق بينهما ،وما طبيعة العلاقة التي تربطهمـــا ؟

**أوجه الاختلاف**.
1 من حيث طبيعة الموضوع : السؤال العلمي مجاله حسي مادي –كدراسة الظواهر الفيزيائية والكيميائية ، هل الهيدروجين غاز يشتعل ؟ أما السؤال الفلسفي فمجاله المعقول الميتافيزيقا ظواهر معنوية لا ترى بالعين ، وإنما تدرك بالعقل هل الإنسان حر أم مقيد ؟
2_ من حيث التخصص : مثلا السؤال العلمي محدود وجزئي لأنه يتعلق بظاهرة معينة .(سقوط الأجسام ،التفاعلات الكيماوية ، انقسام الخلايا : السؤال الفلسفي كلي شامل لأنه يتعلق بقضية عامة (الحرية، الأخلاق ..) الفلسفة هي البحث عن العلل الاولى للوجود
3 من حيث التحليل : السؤال العلمي يستعمل التقدير الكمي (لغة الرياضيات) مثل ماهي قوة الجاذبيـة ؟أما السؤال الفلسفي يستعمل التعبير اللفظي
4 من حيث لمنهج : لسؤال العلمي منهجه تجريبي استقرائي الملاحظة ثم الفرضية ثم التجربة المخبرية ، . أما السؤال الفلسفي فمنهجه عقلي تأملي .ضبط التصور ثم طرح الإشكال ثم الموقف مع الحجج
5 من حيث الهدف : السؤال العلمي يهدف إلى الوصول إلى نتائج دقيقة تصاغ في شكل قوانيــن .ث=ك.ج ،سر=م/ز
أما السؤال الفلسفي فيهدف الوصول إلى حقائق و تصورات غالبا ما تكون متباينة بتباين المواقف وتعدد المذاهب
يحدد ألان جورانفيل A.Juraville طبيعة السؤال الفلسفي و خصوصياته في ما يلي:
ا) إن السؤال الفلسفي سؤال قصدي، لأنه يروم بناء معرفة تتسم بالشمولية والإطلاقية
ب) إن السؤال الفلسفي يتضمن شكا قبليا في الجواب، على اعتبار أن ليست هناك معرفة جاهزة ونهائية.
ج) إن السؤال الفلسفي يوجه بالخصوص إلى أولئك الذين يعتقدون امتلاك الحقيقة(سلوك سقراط مثلاا لذي يجعل الناس يشكون في معارفهم ، ليظهر لهم دونية معرفتهم. فالفلسفة فكر يجند نفسه ضد الوثوقية و الدوغمائية
د) إن السؤال الفلسفي تساؤل، باعتباره سؤالا يتضمن في الواقع سلسلة متدرجة من الأسئلة: فكل سؤال يستدعي سؤالا آخر؛ وكل سؤال هو بداية لتساؤل جديد (كارل ياسبرس)K.Jaspers. ان السؤال في الفلسفة أهم من الجواب ،وينبغي على كل جواب أن ينقلب الى سؤال جديد )
5_ المبادئ…..السؤال العلمي ينطلق من التسليم بالمبادئ قبل التجربة مثل مبدأ السببية و الحتمية بينما السؤال الفلسفي ينطلق من التسليم بمبادئ و مسلمات بعد البحث مثل مسلمات المذهب العقلي و المذهب التجريبي .

**أوجه الاتفاق** ….. كلاهما سبيل المعرفة و يساهم في المنتوج الثقافي و الحضاري . و أنهما ينبعان من الشخص الذي يتمتع بالحس الإشكالي .
و بذلك كلاهما يثير الفضول ويدفعا إلى البحث نتيجة الحرج والحيرة الناتجة عن الشعور بوجود مشكلـــــــة .
و بذلك تكون صيغته كلاهما استفهامية . مثل تساؤل نيوتن حول سقوط الأجسام و تساؤل ديكارت عن أساس المعرفة .
كلاهما ينفرد بموضوع ومنهج و هدف تفرضه طبيعة الموضوع
كلاهما يعتمد على مهارات مكتسبة لتأسيس المعرفة .

**مواطن التداخل**:
السؤال العلمي نشأ في رحم السؤال الفلسفي لأن هذا الأخير هو الذي عبر عن حيرة الإنسان تجاه الوجود و مصيره بعد الموت و بعدها انشغل بالظواهر الطبيعية و كيفية حدوثها .أي أن الحيرة الفلسفية تولدت عنها الحيرة العلمية . حيث يقول أوغست كونت أن الفكر البشري مر بثلاث مراحلالرحلة اللاهوتية ثم المرحلة الميتافيزيقية ثم المرحلة العلمية .
إذن السؤال الفلسفي يخدم السؤال العلمي
والسؤال العلمي بدوره ينتهي إلى قضايا قد تثير تساؤلات فلسفية ، خاصة عندما يعجز العلماء عن إيجاد تفسير دقيق وواضح لبعض الظواهر فطبيعةالعلاقة بينهما علاقة تداخل وتكامل وتلاحم .

الخاتمة : حل المشكل**
رغم ما يوحي به مظهر الاختلاف من تباين قد يجعل البعض يتسرع في الحكم على العلاقة بينهما ، فقد تبين لنا بعد التحليل أن كل من السؤالين لهماعلاقة وظيفية فعالة وخدمة متبادلة دوما لا تنقطع فهناك تواصل مفتوح لا نهائي بينهمــــــــا.

ختاما لا تنسو أخوكم من دعائكم الصالح, كما لا تنسو مشاركة الموضوع كي تعم الفائدة.

عن ناصر بعزيز

شاب من الجزائر, مهتم بالأمور التقنية وشغوف بالبحث والتعلم. يشرفني التواصل معكم, وأنا في الخدمة لأي مساعدة. للتواصل معي يرجى استخدام وسائل الإتصال المتاحة أعلى الموقع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *